للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب التاسع والعشرون: في مزاحه ومداعبته -

عن أنس أنَّ النبيَّ كان يدخلُ على أم سُليم، ولها ابن من أبي طَلحةَ يكنى أبا عُمير، فكان يُمازحه، فدخل عليه يومًا فرآه حزينًا، فقال: "مَالي أَرَى أَبا عُميرٍ حَزينًا؟ " قالوا: مات نُغَيرُه الذي كان يلعبُ به، قال: فجعل رسول الله يقول: "أبا عُميرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيرُ؟ " (١).

وعن أنس أنَّ رجلًا اسمه زاهِر، كان يُهدي لرسولِ الله الهديةَ من الباديةِ، فيجهزُه رسولُ الله إذا أرادَ الخروجَ، فقال رسولُ الله : "إنَّ زاهرًا بادِيتُنا، ونحنُ حاضِرُوه". وكان رسول الله يحبُّه، وكان رجلًا دميمًا، فأتاه رسول الله يومًا وهو يَبيعُ مَتاعَه، فاحتضَنَه من خلفِه، ولم يُبصره الرجلُ، فقال: مَن هذا؟ أَرسلني، فالتَفَتَ، فعرفَ رسولَ الله فجعل لا يألو أن أَلصَق ظهرَه بصدرِ رسولِ الله وجعل رسولُ الله يقول: "مَن يَشتري هذا العبدَ؟ " فقال: يا رسول الله، إذَنْ والله تجدُني كاسدًا، فقال رسولُ الله : "لَكِن عندَ اللهِ لستَ كاسِدًا" أو قال: "ولكن أنتَ عندَ الله غالٍ" (٢).

[وقال أحمد بإسناده عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن] عائشة رضوان الله عليها قالت: خرجتُ مع رسولِ الله في بعض أَسفارِه، وأنا جاريةٌ لم أَحمِلِ اللَّحم، ولم أَبدُن، فقال للناس: "تقدَّموا" فتقدَّموا، ثم قال لي: "تَعالي حتى أُسابِقَكِ" فسابقتُهُ، [فسبقته، فسكتَ عني حتى إذا حمَلْتُ اللَّحم وبَدُنْتُ ونسيتُ، خرجتُ معه في بعض أسفاره، فقال للناس: "تَقدَّموا" فتقدَّموا، ثم قال لي: "تَعالي حتى أُسابِقَكِ" فسابقتهُ]، فسبقني، فجعل يضحك، ويقول: "هذهِ بِتِلْكَ" (٣).


(١) أخرجه البخاري (٦٢٠٣)، ومسلم (٢١٥٠)، واللفظ لأحمد في "مسنده" (١٢٩٥٧).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٢٦٤٨).
(٣) أحمد في "مسنده" (٢٦٢٧٧).