للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثالث والثلاثون: في حزنه وعبادته Object -

قالت عائشة رضوان الله عليها: ما رأيتُ رسولَ الله Object مُستجمعًا ضاحِكًا قطُّ، إنَّما كان يَتبسَّم، وكان إذا رَأى غَيمًا عُرف في وجههِ الكَراهيةُ، فأقولُ له في ذلك فيقول: "وما الذي يؤمِّنُني أن يكونَ فيه عَذابٌ، قد عُذَّب قومٌ بالريحِ، وقد رَأَى قومٌ العذابَ فقالوا: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا" (١).

وكان إذا رأى مَخيلَةً في السماءِ دخَلَ، وخَرَج، وتغيَّر لونُه، فإذا أَمطَرت سُرِّي عنه (٢).

وكان إذا عصَفَتِ الريح قال: "اللَّهمَّ إنَّي أَسأَلُك خَيرَها وخَيرَ ما فيها، وخَيرَ ما أُرسِلَت به، وأَعوذُ بكَ من شَرِّها وشَرِّ ما فيها وشَرِّ ما أُرسِلَت به" (٣).

وقالت عائشة رضوان الله عليها: رخَّص رسولُ الله Object في أمر فتَنزَّه عنه أُناسٌ، فبلَغَه فغَضِبَ حتى بانَ الغضبُ في وجهِه، ثم قال: "ما بالُ قَومٍ يَرْغَبونَ عمَّا رُخَّص لي فيه؟ فواللهِ لَأَنا أَعْلَمُهم باللهِ وأَشدُّهم له خَشْيَةً" (٤).

وقالت: كان رسولُ الله Object إذا أَمَرَهم بما يُطيقون قالوا: لَسنا كَهيئَتِك يا رسولَ الله؟ إنَّ الله قد غَفَرَ لكَ ما تقدَّم من ذنْبِكَ وما تأخَّرَ، فيَغضَبُ حتى يُعرفُ الغضَبُ في وجههِ، ثم يقول: "أَنا أَتقاكُم وأعلَمُكُم باللهِ" (٥).

وقال عبد الله بن الشَّخِّير: لقد رأيتُ رسولَ الله Object ولصَدرهِ أَزيزٌ كأَزيزِ المِرْجَلِ من البُكاءِ (٦).


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٤٣٦٩)، والبخاري (٤٨٢٨)، و (٤٨٢٩)، ومسلم (٨٩٩) (١٦).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٥٣٤٢)، والبخاري (٣٢٠٦) من حديث عائشة Object.
(٣) أخرجه مسلم (٨٩٩) (١٥) من حديث عائشة Object.
(٤) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٤١٨٠)، والبخاري (٦١٠١)، ومسلم (٢٣٥٦).
(٥) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٤٣١٩)، والبخاري (٢٠).
(٦) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٦٣١٢)، وأبو داود (٩٠٤).