للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقيط العِيالات (١) وراء الصّفوف ليَحفظوا حَريمَهم، ثم اقتتلوا قتالًا شديدًا، ورأى المسلمون الخَلَل، فبينا هم كذلك إذ قدم الخِرِّيت (٢) بنُ راشد في عبد القيس وبني ناجية نجدة للمسلمين، فحملوا على الكفار فانهزموا، وتبعهم المسلمون، فقتلوا منهم عشرةَ آلاف، وسَبَوا الذَّراري، وقسموا الغنائم، وبعثوا إلى أبي بكر ﵁ بالخُمس.

وأقام حُذيفة بعُمان، وتَوجَّه عكرمة إلى مَهْرة بوصيَّةٍ من أبي بكر، وقد اجتمع بها وبالنَّجد (٣) خلقٌ من المرتدّين، فخرجوا إلى عكرمة، فقاتلوه، فنُصر عليهم، فقتل وسبى، وازداد قوّةً بالظَّهر والمتاع، وبعث إلى أبي بكر بالخُمس.

[قصة أهل اليمن]

ذكر الواقديّ أن النبي ﷺ كان ولّى على صنعاء المهاجر بنَ أبي أميّة، وعلى حضرموت زياد بنَ لبيد، فتُوفّي وهما على حالهما، فانتقضت كندة على زياد إلا طائفة يسيرة، فقيل له: إن بني عمرو بن معاوية قد جَمعوا لك، فأدركهم قبل أن يَستفحل أمرُهم، فسار إليهم بَغتةً فهزمهم، وحاز غنائمهم، فتعرّض له الأَشْعثُ بن قيس الكِندي (٤) في قومه، فأُصيب أناسٌ من المسلمين، واستظهر عليهم الأشعث، فانحاز زياد بمَن معه، وكتب إلى أبي بكر رضوان الله عليه يُخبره، فكتب أبو بكر إلى المهاجر وهو بصّنعاء أن يُمدّ زيادًا، فسار إليه، وقصد الأشعث، فالتَقَوا، وكانت الدَّبَرة على الأشعث ومَن ارتدّ معه، فقتلوهم وسَبَوهم، وجاء عكرمة وقد فرغوا منهم فأشركوه معهم في الغنائم، وتحصَّن الأشعث وملوكُ كِندة في حصن النُّجَير، فحاصروهم مدة، فأرسل إليهم الأشعث يقول: أفتحُ لكم باب الحصن على أن تُؤمَّنوا لي عشرةً من كِندة؟ قالوا: نعم، ففتح لهم الباب فدخلوا، فقتلوا كلَّ مَن فيه، وقد عَزل عشرة أنفس، وهو يرى أنهم لا يحسبونه في العشرة، فقالوا له: إنا قاتلوك، قال: ولم؟ قالوا: لأنك لست


(١) في (أ) و (خ): الغيلان، والمثبت من تاريخ الطبري ٣/ ٣١٥.
(٢) في (أ) و (خ): الحارث، وهو خطأ، والمثبت من الطبري، والكامل ٢/ ٣٧٤.
(٣) في (أ) و (خ): وبالمحدم؟! والمثبت من الطبري ٣/ ٣١٦ - ٣١٧.
(٤) في (أ) و (خ): المدني، وهو خطأ، انظر جمهرة ابن حزم ٤٢٥، وسير أعلام النبلاء ٢/ ٣٨.