للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منكنّ إخراجا، وقال لغُلامه: غَبِّر لها، أي: دَخّن، وقيل: ضرب لها قُبَّةً وقال لغُلامه: جَمِّر، أي: بَخِّر لعلها تَحِنُّ إلى الباه. ففعل، فقالت: مَن جاءك بهذا القرآن؟ قال: جبريل، فقالت: صدق الله وجبريلُ، ثم قال لها: هل لك أن أتزوّجك فيقال: نبيٌّ تزوَّج نبيّةً، فنأكل بقومي وقومك العرب؟ ولي نصف الأرض، وكان لقريشٍ نصفُها، وقد وهبتُه لك. فقالت: نعم، فتزوَّجها ثم سجع لها فقال: [من الهزج]

[ألا] قومي إلى المخْدَع … فقد هُيِّئ لك المَضْجَع

وإن شئتِ سَلَقْناك (١) … وإن شئتِ على أربع

وإن شئت بثُلثيه … وإن شئتِ به أَجمع

فقالت: لا، بل به أجمع، فإنه للشَّملِ أَجمع، فقال مسيلمة: بذلك نزل عليَّ جبريل. فضربت العربُ بها المثل فقالت: أَغلمُ من سَجاح (٢).

وقال قيس بن عاصم المِنقري، وقيل إنَّه لعُطارد بن حاجب بن زراة التميمي: [من البسيط]

أَضحتْ نبيَّتُنا أُنثى نُطيف بها … وأصبحت أنبياءُ الناس ذُكرانا (٣)

ثم أقامت عنده ثلاثًا، وخرجت إلى قومها فقالوا: ما وراءك؟ فقالت: أشهد أنه نبيّ حق، وأخبرتهم أنها تزوّجتْه، فقالوا: مثلُك لا يتزوَّج على غير مَهْر، فارجعي إليه فاطلبي المهر، فرجعت إليه فقال: قولي لهم: قد وَضعتُ عنكم صلاةَ الفجر والعشاء الآخرة، وأبحتُهم الزنا والخمر، فقالوا: رضينا وانصرفوا.

وقال لها مسيلمة: مَن مُؤذَّنُك؟ فقالت: شَبَث بن رِبْعي الرِّياحي، فقال: مُريه ينادي: إن رسول الله مسيلمة قد وَضع عنكم ما أتاكم به محمَّد من الصلوات، وأباحكم


(١) في (ك): فملقاة، والمثبت من المصادر.
(٢) الأبيات في كتاب الردة ١١٢، والطبري ٣/ ٢٧٣، والأغاني ٢١/ ٣٤، والدرة الفاخرة ١/ ٣٢٥، والبدء والتاريخ ٥/ ١٦٤ - ١٦٥، والمنتظم ٤/ ٢٣.
(٣) البيت في المعارف ٤٠٥، والطبري ٣/ ٢٧٤، والأغاني، والبدء والتاريخ، ومروج الذهب ٤/ ١٨٨، وتاريخ دمشق ٤٧/ ٣٨٣، والتنبيه والإشراف ٢٦٤.