للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الفيقارُ قد بعث قبل ذلك جاسوسًا إلى عسكرِ المسلمين ليأتيه بأخبارهم، فعاد إليه فقال: رأيتُهم بالنَّهار فرسانًا، وبالليل رُهبانًا، ولو سرق ابنُ ملكهم لقطعوا يده، ولو زنى لأُقيم عليه الحدُّ لإقامة الحقِّ فيهم، فقال الفيقارُ: لَبَطنُ الأرض لنا اليوم خيرٌ من ظهرها.

وقُتل أخو الملك ووجوهُ أصحابهِ، وأُسرَ التذارق صاحبُ جيشه، وانتهت الهزيمةُ إلى هِرَقْل وهو دون حمص فارتحل وجعل حمص بينه وبينهم.

وقال سيف: أُصيب يوم اليرموك وجوهُ المسلمين: عكرمةُ بن أبي جهل، والحارث بن هشام، وعبد الرحمن بن العوام أخو الزبير بن العوام، وأبان بن سعيد، وأثبت خالد بن سعيد بن العاص فلا يُدرى أين ذهب.

قلت: وهذا وهم، فإن خالد استُشهد بمرج الصّفَّرِ لما نذكُرُ.

قال: وأُصيب ضرار بن الأزور فعاش بعد ذلك. وهذا وهم أيضًا، فإن ضرارَ بن الأزورِ قُتل يوم اليمامة. قال: واستُشْهِدَ الطفيلُ بن عمرو، وهذا وهم؛ لأن الطُّفيلَ استشهد يوم اليمامة، وسنذكرُ أعيان مَن استشهد باليرموك في آخر السنة.

وقال الواقدي: قاتل النساءُ يومئذٍ قتالًا شديدًا منهن: جويرية بنتُ أبي سفيان. وأُصيبت عينُ أبي سفيان بن حرب، وأُخرج النَّصْلُ منها.

وعامة علماء السِّير على أن وقعة اليرموك كانت في السنة الثالثة عشرة من الهجرة إلَّا الواقديَّ، فإنه قال في سنة خمس عشرة، حكاه ابن سعد عنه، وكذا قال ابن عساكر في تاريخه فإنه قال: المحفوظُ أنها كانت في سنة خمس عشرة، قال: وقال سيف: في سنة ثلاث عشرة ولم يُتابعه عليه أحدٌ (١).

قلتُ: قد تابعه ابن إسحاق وهشام وعامة العلماء، فإنهم قالوا: أوَّلُ فتحٍ أتى عمر ابن الخطاب من الشام فتحُ اليرموك على عشرين ليلةً من وفاة أبي بكر ﵁.

وقال الهيثم: كان أبو بكرٍ قد هيَّأ لكل كُورةٍ أميرًا، ومرض في جُمادى الأُولى وتُوفي في نصفه قبل اليرموك بعشر ليالٍ.


(١) انظر طبقات ابن سعد ٤/ ١٣٩ و ١٩٦، وتاريخ دمشق ١/ ٢٥٤ - ٢٥٥، والمنتظم ٤/ ١٢٣.