للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الروم بمقابلة المسلمين، فأراد خالد أن يُعرّس بها فقالت: لو أخَّرت ذلك حتى تنفضَّ الجموعُ، فقال: نفسي تُحدّثني أنني أصابُ في هذه المرة، فقالت: دونك، فأعرس بها عند القنطرة التي بمرج الصُّفَّر، وبها سُميت قنطرة أم حكيم، وأولم عليها، ودعا أصحابه، فما فرغوا من الطعام، حتى صَفَّت الرومُ صفوفَها، والتقوا، وصبر الفريقانِ، وتصافحوا بالسيوف، حتى سُمع وقْعُها على الحديد، وقاتلت أم حكيم بعمود الفُسطاط، حتى قتلت سبعةً من الروم (١).

وقال الموفق في الأنساب عن الأموي قال: حمل خالد وهو يقول: [من الكامل]:

مَن فارسٌ كَرِه الطِّعانَ يُعيرني … رُمحًا إذا نزلوا بمَرْج الصُّفَّرِ

فحمل عليه رجلٌ من القوم، فقتله، ثم قلب الروميُّ ترسه، وجاء إلى صفِّ المسلمين مُستأمِنًا، فقيل له: مالك؟ فقال: رأيتُ حين قتلتُه قد سطع منه نورٌ مثلُ السارية، حتى بلغ عَنان السماء (٢).

وقال هشام: حمل خالد في وسط الروم، فخرق الصفوف، فقتلوه على النهر.

وقال ابن عائذ: أقام مع أم حكيم سبعةَ أيامٍ، والأوَّل أَشهر، وقيل: إن خالد بن سعيد فُقِد يوم اليرموك (٣)، والأصحُّ أنه قُتل بمرج الصفر على ما ذكرنا.

قلت: وربما سمع سامع قول الواقدي: فأعرس بها عند قنطرة أم حكيم وبها سُميت، فظنها قصرَ أم حكيم، وليس كذلك؛ لأن قنطرة أمّ حكيم بنت الحارث بن هشام عند النهر القريب من الكسوة، وقصر أم حكيم قِبَليّ مرج الصفر، قريبًا من غباغب، وأم حكيم التي نُسب إليها القصر هي بنت يحيى، وقيل: بنت يوسف بن يحيى ابن الحكم بن العاص بن أمية، وذكرها الزبير بن بكارة وأمها زينب بنت عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام، كانت شاعرة، تزوجها عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك، وطلقها، فتزوجها هشام بن عبد الملك، فولدت له يزيد بن هشام.


(١) طبقات ابن سعد ٤/ ٩٨ - ٩٩.
(٢) التبيين ١٩٥، وتاريخ دمشق ٥/ ٤٥٧.
(٣) انظر تاريخ الطبري ٣/ ٤٠٢.