للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشام، فما وصل إلى دمشق (١).

قال سيف: ولما عزم على المسير قال له علي بن أبي طالب: أين تُريد بنفسك وبين يديك عدوٌّ كَلِبٌ؟! أقم ولا تُغرّر بنفسك، فقال: أبادرُ بجهاد العدوّ موتَ العباس (٢)، إنكم إن فقدتم العباس انتقض (٣) بكم الشرّ كما يُنتقض الحبْل، فمات العباس [لستّ خلون من إمارة عثمان] فانتقض بالنَّاس الشر (٤)، واستخلف على المدينة عليَّ بن أبي طالب، وكتب إلى أمراء الأجناد (٥) بالشام أن يَستخلفوا على أعمالهم، ويُوافوه بالجابية، فكان أوّل مَن لَقيه يزيدُ بن أبي سُفيان، ثم أبو عبيدة، ثم خالدُ بنُ الوليد.

قال الهيثم: وكان عليهم أَقبيةُ الدِّيباج والحرير، وهم على الخيول المسومة (٦)، فنزل عمر عن بعيره، وأخذ الحجارة، وجعل يرميهم بها، وقال: ويحكم إيّاي تَستقبلون بهذا؟ ما أسرع ما نسيتم، لقد كَثُرت فيكم البِطنة، وإنما شبعتُم منذ سنين، ولو فعلتموها على رأس المئة لاستبدلتُ بكم غيركم، فقالوا: يَا أمير المؤمنين، إن علينا السلاح، ونحنُ في مقابلة العدوِّ، فقال: نعم إذن.

ثم نزل الجابية فرآه رجلٌ من يهود دمشق، فقال: السلامُ عليك يَا فاروق، أَنْتَ واللَّه صاحبُ إيلياء، لا تَرجعُ عنها حتى تفتحها، فقال عمر: إن شاء اللَّهُ تعالى.

[ذكر خطبة عمر بالجابية]

قال أحمد بن حنبل بإسناده عن ابن عمر: إن عمر خطب بالجابية فقال: قام فينا رسولُ اللَّه مَقامي فيكم فقال: "استوصوا بأصحابي خيرًا، ثم الذين يَلونهم، ثم


(١) من قوله: ذكر خروج عمر. . . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).
(٢) في هامش (خ) حاشية نصّها: يعني أن عمر يستفتح بعمه ويستبشر ويتبرّك بوجوده الشريف، فأراد فتح المسجد الأقصى قبل موته.
(٣) في (خ) و (م): لا ينقض، والمثبت من المنتظم ٤/ ١٩٢، والطبري ٣/ ٦٠٨.
(٤) من قوله: وبين يديك عدو كلب. . . إلى هنا، ليس في (ك).
(٥) في (ك): الأمراء والأجناد.
(٦) في هامش (خ) حاشية نصها: حكمة في بيان المغلوبية للعدو فتأمل.