للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها (١).

وأما الأخبار الواهية: فمنها ما أنبأنا به جدي ﵀ بإسناده إلى أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: "قد وكَّلَ الله بالشَّمسِ سبعة أملاكٍ يَقذِفُونَها بالثَّلجِ، ولولا ذلك ما أَتَت على شي إلا أحرَقَته" (٢).

ومنها: ما أنبأنا به جدي ﵀ بإسناده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "الشَّمسُ والقَمَر ثَوْرَان عَقيران من النَّار" (٣) وفي رواية: "يؤتى بهما يوم القيامة فيكوّران في النار". والعقير: المجروح.

ومنها ما ذكره أبو جعفر الطبري في "تاريخه" فقال: حدثني محمد بن أبي منصور بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس، قال عكرمة: كنت جالسًا عنده إذ جاءه رجلٌ فقال: يا ابنَ عباس سمعتُ كعبَ الأحبارِ يقول: إنَّ الشمس والقمر يكوّران يومَ القيامةِ وَيُلْقَيانِ في النار، وكان ابن عباس متكئًا فاحتفز -أي: جلس واجتمع- وقال: كذب كعبٌ -ثلاثًا- بل هي يهوديَّته يريدُ إدخالها في الإسلام، الله أجَلُّ وأكرمُ من أن يعذبَ أحدًا على طاعته، ألم تسمع إلى قوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَينِ﴾ [إبراهيم: ٣٣] أي: طائعين (٤)، فكيف يعذِّبُ مَن أثنى عليه؟

ثم قال: ألا أحدِّثكم بما سمعتُ من رسول الله ﷺ، سمعته يقول: "لما أبرم خَلْقَه غَيرَ آدم خَلَقَ شمسَين من نورِ عرشِه، فأمَّا ما كان في سابق علمه أن يَدعها شمسًا فإنَّه خَلَقها مثلَ الدنيا ما بينَ مشارِقِها ومغارِبها، وأمَّا ما كان في سَابقِ عِلمِه أن يَطْمِسَها ويحوِّلها قمرًا فإنَّه دونَ الشَّمْس في العِظَم وإنما يُرى صغيرًا لشدةِ ارتفاعِ السماءِ وبُعدِها من الأرضِ، فلو تَرَك اللهُ الشَّمسَ كما كان خَلَقها لم يُعْرَفِ الليلُ من النَّهار، ولا النَّهارُ من الليل، وكان لا يَدْري الأَجيرُ إلى متى يعملُ ومتى يأخذُ أجرتَه، ولا يدري الصَّائم إلى متى يَصُومُ، ولا تَدْري المرأةُ كيف تَعتدُّ، ولا يَدْري المسلِمونَ متى وقتُ


(١) المنتظم ١/ ١٨٦.
(٢) "العلل المتناهية" (٢٩).
(٣) "العلل المتناهية" (٣٠)، و"الموضوعات" (٢٩١)، و "المنتظم" ١/ ١٨٧.
(٤) في (ب): مطيعين.