للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفضى إليك هذا الأمر، كان واللَّه صاحبُك خيرًا لنا -أو أحبَّ إلينا- منك، وقد أصبحتُ كارهًا لجوارك فقال عمر: إنه من كَره جوار جاره تحوَّل عنه، فقال سعد: إني مُتحوِّلٌ إلى جوار من هو خيرٌ من جوارك، وخرج إلى الشام، فتُوفي بحَوران. وهذه رواية ابن سعد عن الواقدي (١).

وقال أبو اليقظان؟ لما قال له عمر ذلك قال له سعدٌ: هلا تحولت أنت يا عمرُ عن منازلنا وديارنا وأوطاننا حتى ترجع من حيثُ جئتَ، فأنت أولى بذلك، ثم قال: واللَّه لا جاورتُك ولأتحوَّلَنَّ إلى جوار مَن هو خيرٌ من جوارك، وخرج سعدٌ إلى الشام معتزلًا لا يُخالطُ أحدًا من الأمراء ولا غيرهم، ولا يُقاتل معهم، ولا يشهدُ مشهدًا، حتى تُوفّي على ذلك.

واختلفوا في وفاتِه، فحكى ابنُ سعدٍ، عن الواقديّ، عن يحيى بن عبد العزيزِ بن سعيد بن سعد بن عُبادة، عن أَبيه: أنه تُوفّي بحَوران من أرض الشام، لسنتين ونصف من خلافة عمر. قال: وكأنَّه مات سنة خمس عشرة (٢)، فما عُلمَ بموته بالمدينة حتى سمع غِلمان في بئر نصف النهار يتبرَّدون في حرِّ شديدٍ قائلًا يقول من البئر: [من مجزوء الرمل]

قد قتلنا سيِّدَ الخَزْ … رَجِ سَعْدَ بنَ عُبادهْ

فرَمَيْناه بسَهْمَيْـ … ـنِ فلم نُخْطِ فؤادَهْ

فذُعر الغلمان، فحُفِظ ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذي مات فيه سعدٌ، وإنما جلس يبول في نفقٍ، فاقتُتل من ساعته، ووجدوه قد اخضرَّ (٣).

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن محمد بن سيرين أنَّه قال: بال سعدٌ قائمًا، فلما رجع قال لأصحابه: إني لأجِدُ دَبيبًا، فمات، فسمعوا الجنَّ تقول: قتلنا سيد الخزرج، وذكر البيتين (٤).


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٥٦٩.
(٢) من قوله: وهذه رواية ابن سعد عن الواقدي. . إلى هنا ليس في (أ) و (خ).
(٣) طبقات ابن سعد ٣/ ٥٧٠، وما بعد هذا الكلام إلى نهاية ترجمة سعد ليس في (أ) و (خ).
(٤) طبقات ابن سعد ٣/ ٥٧٠.