للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلينا مَن تختار، فجهَّز إليهم الهرمزان في جيشٍ كثيفٍ، فنزل رامَهُرْمز، واتَّفق أهل الأهواز وتعاهدوا على المسلمين، وكُتب إلى عمر بذلك، فبعث إلى سعد: ابعث إلى الأهواز النعمان بنَ مُقَرِّن، وسويد بنَ مقرن، وجرير بنَ عبد اللَّه، وكتب إلى أبي موسى: أن ابعث إلى الأهواز جيشًا كثيفًا، وأمَّر عليهم سهل بنَ عديّ، وابعث معه البراء بنَ مالك في جماعةٍ سمَّاهم، وعلى أهل الكوفة والبصرة أبو سبرة بن أبي رُهْم، وكلُّ مَن أتاه كان مدَدًا له.

وخرج النُّعمان بن مقرِّن في أهل الكوفة حتى قطع دجلة بِحيال مَيْسان، ثم أخذ طريق البرِّ إلى الأهواز فانتهى إلى نهر تِيرى فجاوزها، ثم انتهى إلى مَناذرٍ وسوق الأهواز وقصد الهُرمزان -وهو يومئذ برامَهُرْمُز- فسار إلى النّعمان وبادره قبل أن تنضمّ إليه جيوش المسلمين، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، وانهزم الهرمزان إلى تُستَر، وجاء النعمان فنزل برامهرمز.

وكان الهرمزان قد صالح المسلمين ثم نكث، فحاصروه في تستر، وأقاموا عليه مدَّةً، وزحفوا عليهم ثمانين مرة، فلما كان في آخر زحفٍ واشتدَّ القتال قال الناس للبراء بن مالك: يا براء، أقسم على ربك ليهزمنَّهم لنا فقال: اللهمَّ اهزمهم واستَشْهدني، فاستشهد البراءُ في ذلك اليوم، وهزموهم حتى ألجؤوهم إلى الخنادق، وتقدَّم المسلمون فأحاطوا بالمدينة، وأزالوهم عن أماكنهم، وخرج إليهم رجلٌ مُستأمن، فدلَّ النعمان بنَ مُقرِّن على مكانٍ يَدخلُ منه إلى البلد، وجاؤوا فدخلوا، وهرب الهرمزان إلى القلعة، فأحاطوا به، فاطَّلع عليهم وبيده قوسُه وجَعبته وقال: في هذه الجَعْبة مئةُ نُشَّابة، واللَّه لا تَصلون إلي حتى أقتل مئةَ رجل من أعيانكم، قالوا: فماذا تريد؟ قال: أنزل على حُكم عمر يَفعلُ بي ما شاء، قالوا: نعم، فنزل فأخذوا سلاحَه وأوثقوه، واقتسموا الغنائم، فكان سهمُ الفارس ثلاثة آلافٍ، والراجل ألفًا.

وخرج من تُستَر جماعةٌ من الفُرس، فقصدوا السُّوس، واتبعهم أبو سَبْرة، ثم إن أَبا سَبْرة كتب إلى عمر بالفتح، وبعث إليه بالهُرمزان ومعه أنس بنُ مالك والأحنف بن قيس وجماعةٌ من الأعيان، فلما وصلوا المدينة أَلبسوا الهرمزان ثيابَه الدِّيباج وسلاحَه، ووضعوا على رأسه تاجَه -وكان مُرَصَّعًا باليواقيت والجواهر- ليراه المسلمون على