للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن أنسٍ قال: لما قَدِمَ وَفْدُ اليمن على النبي سألوه أن يَبعث معهم رجلًا يُعلِّمهم الفرائض والسننَ، ويُعلّمهم الإِسلام، فأخذ بيدِ أبي عبيدة وقال: "إنَّ لكلّ أمّةٍ أمينًا، وأمينُ هذه الأمة أبو عبيدة". أخرجاه في الصحيحين (١).

ولما بلغ عمر سَرْغ حُدِّث أن بالشام وباءً شديدًا، فقال: بلغني شدَّة الوَباء بالشام، فقال: [إنْ] أدركَني أجلي وأبو عبيدة حيٌّ استَخْلَفتُه، فإن سألني اللَّه: لمَ استخلفتَه على أمّة محمد؟ قلتُ: سمعتُ نبيَّك يقول: "لكلِّ أمّة أمينٌ، وأمين هذه الأمَّة أبو عبيدة ابنُ الجراح"، فإن أدركَني أجلي وقد تُوفّي أبو عبيدة استخلفتُ مُعاذ بنَ جَبَل، فإن سألني ربّي: لمَ استَخلفتَ معاذًا؟ قلتُ: سمعتُ رسول اللَّه يقول: "مُعاذٌ يوم القيامة بين يدي العلماء، بيده اللواء" (٢).

وقال ابن سعدٍ عن أبي هريرة قال: قال رسولُ اللَّه : "نِعم الرجلُ أبو عبيدة بن الجراح" (٣).

ورُوي أن عمر بن الخطاب قال لأصحابه: تمنَّوْا، فقال رجلٌ: أتمنّى لو أن لي هذه الدارَ مملوءةً لؤلؤًا وزَبَرْجَدًا وجوهرًا أُنْفقه وأَتصدَّقُ به، فقال: تمنَوْا، فتمنَّوا، فقال عمر: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةً رجالًا مثلَ أبي عُبيدة (٤).

وقال أبو نُعيم بإسناده عن هشام بن عروة، عن أَبيه قال: لمّا قَدِم عمر الشَّامَ تلقَّاه الناسُ وعُظماءُ أهلِ الأرضِ، فقال عمر: أين أخي أبو عُبيدة؟ قالوا: الآن يَأتيك، فلما أتاه نزل فاعتنقه، ثم دخل بيته فلم يَرَ فيه إلَّا سيفَه وتُرْسَه ورَحْلَهُ، فقال له عمر: ألا اتَخذتَ ما اتَّخذ أصحابُك؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين، هذا يُبَلِّغُني المَقيلَ (٥).

وقد ذكرنا أن عمر قَبَّل يده لمَّا لَقِيه، وقال ابنُ سعدٍ بإسناده عن قتادة، عن العِرْباض قال: قال أبو عبيدة: وَدِدْتُ أني كنتُ كَبْشا فذبحني أهلي، وأكلوا لحمي، وحَسَوْا مَرَقي (٦).


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٣٨١، وصحيح البخاري (٣٧٤٤)، وصحيح مسلم (٢٤١٩).
(٢) تاريخ دمشق (عاصم - عايذ) ٢٨٥ - ٢٨٧، ومن قوله: ولما بلغ عمر سَرْغ. . . إلى هنا ليس في (ك).
(٣) طبقات ابن سعد ٣/ ٣٨١.
(٤) تاريخ دمشق ٣٠٢، والحلية ١/ ١٠٢.
(٥) حلية الأولياء ١/ ١٠١ - ١٠٢.
(٦) طبقات ابن سعد ٣/ ٣٨٢، وتاريخ دمشق ٣١٢، وليس فيها العرباض.