للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الحادية والعشرون]

وفيها بثَّ عمر جيوشَه في العراق في طلب يَزدَجِرد، وكتب إلى عُمَّاله بالعراق: اطلبوه، وعقد لنُعَيم بن مُقَرّن على هَمَذَان، وبعث عُتْبة بن فَرْقَد وبُكَيْر بن عبد اللَّه إلى أَذْرَبيجان، وأمدَّهما بأبي موسى، فالتقى نُعَيم بن مُقَرِّن بطائفةٍ من الأعاجم، فاقتتلوا وانْهَزَمت الفرس، وفتح أصبهان وغيرها، وجدّ في طلب يَزدَجِرد (١).

وقيل: إن غزاة نهاوند كانت في هذه السنة، وقد ذكرناه (٢).

وفيها ولّى عمرُ الكوفةَ عمار بنَ ياسر، وابنَ مسعود بيتَ مالها، وعثمان بنَ حُنَيف مَساحةَ الأرض، وسلمانَ المدائنَ.

قال حارثة بن مُضَرّب: قُرئ علينا كتابُ عمر بنِ الخطاب: أما بعد، فإني قد بعثتُ إليكم عمار بنَ ياسر أميرًا، وابنَ مسعود مُعلّمًا ووزيرًا، وعلى بيت مالكم، وإنهما من النُّجَباء من أصحاب محمدٍ من أهل بدرٍ، فاسمعوا لهما وأطيعوا، واقتدوا بهما، وقد آثرتُكم بابنِ أمِّ عَبْدٍ على نفسي، وولَّيتُ حُذَيفة بنَ اليمان ما سَقَت دجلة، ووَلَّيتُ عُثمان بن حُنَيف الفرات، وما سقى أذربيجان، ورِزقُهم كلَّ يومٍ شاةٌ، فاجعلوا شَطْرها وبطنَها لعمار، والشَّطرَ الثاني بين هؤلاء الثلاثة.

ثم قال عمر رضوان اللَّه عليه: ما أرى قريةً يُؤخَذُ منها كلّ يومٍ شاةٌ إلا سريعًا في خرابها.

وأمَر عثمان بن حُنَيْف بمساحة سَقْي الفرات، فمسح الكُور والطَّسَاسيج بالجانب الغربي من دجلة، وكان [أولها] كورة فيروز -وهي طَسُّوج الأنبار- وكان أوَّل السَّواد شُربًا من الفُرات، ثم طسُّوج مَسْكِن، وهو أوَّلُ حُدود السَّواد في الجانب الغربي من دجلة، وشُرْبُه من دُجَيل، ويَتْلُوه طَسُّوج قُطْرَبُّل، وشُربُه أيضًا من دُجَيْل، ثم طسوج بادوريا، وهو طسوج مدينة السَّلام، وكان أجلَّ طَسَاسيج السَّواد جميعًا، وكان كل


(١) انظر تاريخ الطبري ٤/ ١٣٨، والمنتظم ٤/ ٣٠٧ ففيهما تفصيل أوضح مما هنا.
(٢) في سنة (١٨ هـ).