للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: من بَلَدٍ، قريةٌ بالمَوْصلِ، وقيل: طولُه مئةٌ وخمسون فَرْسَخًا، وعَرْضُه ثمانون فوسخًا، وقد ذكرنا فيما تقدَّم لمَ سُمّي العراق؟

وقال أبو مِجلَز (١): بعث عمر بن الخطاب رضوان اللَّه عليه عثمان بنَ حُنَيف، وأمره أن يَمسح السَّوادَ: عامرَه وغامِرَه، ولا يَمسح سَبخَه، ولا تِلالَه، ولا أُجُمه، ولا مُستَنقعَ ماء، ولا ما لا يَبلغه الماء، فمسح كلَّ شيء دون جَبل حُلوان إلى أرض العَرب، وهو أسفل الفرات، وكتب إلى عمر رضوان اللَّه عليه: إني وجدتُ كلَّ شيءٍ يَبلُغُه الماء من عامرٍ وغامر، ستَّةً وثلاثين ألفَ ألف جَريب، وكان الذّراع الذي مَسح به السَّواد ذراعًا وقَبضة والإبهام مُضجعة.

فكتب إليه عمر رضوان اللَّه عليه أن افرِض على كلّ جَريبٍ عامر وغامر عمله صاحبُه أو لم يَعمله درهمًا وقفيزًا.

وفرض على الكرم على كلِّ جَريب عشرة دراهم، وعلى الرِّطاب خمسةَ دراهم، وأطعمهم النَّخْل والشجر، وقال: هذا قُوَّةٌ لهم على عمارة بلادهم.

وفرض على رقاب أهل الذمّة: على الموسِر ثمانيةً وأربعين درهمًا، وعلى مَنْ دون ذلك أربعة وعشرين درهمًا، وعلى مَنْ لا يجد اثني عشَر درهمًا، فحُمل خراجُ العراق سوى الكوفة إلى عمر رضوان اللَّه عليه أوّل سنة ثمانون ألف ألف درهم، وحُمل من قابل عشرون ومئةُ ألف ألف درهم، فلم يزل على ذلك.

وجباه عمر بن عبد العزيز ﵁ مئة ألف ألف درهم، وأربعة وعشرون ألف ألف درهم، وكان الحَجاج قد جَباه مئة ألف ألف درهم وثمانية عشر ألف ألف درهم، وكان قد منع من ذَبْح البقر؛ ليَكثر الحرث والزرع والرَّيْع، فقال الشاعر: [من المتقارب]

شَكونا إليه خرابَ السَّوادِ … فحَرَّم فينا لحومَ البَقَرْ (٢)

وقال عمر رضوان اللَّه عليه لعثمان بن حُنَيْف وحُذيفة بن اليَمان: أخاف أن تكونا حَمَّلْتُما الأرضَ فوق طاقتها، فقال عثمان: لو شئتَ لأضعفتُ أرضي، وقال حُذيفة


(١) من هنا إلى قوله وفيها ضرب عمر الدنانير، ليس في (ك).
(٢) المنتظم ٤/ ٣٠٩ - ٣١٠، والبيت في الأغاني ١٦/ ٣٧٨، وجمهرة الأمثال ١/ ١٤٣، والأوائل ١/ ٢٤٦.