للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثلَ ذلك، فقال عمر رضوان اللَّه عليه: واللَّه، لئن عشتُ لأدعنَّ أراملَ أهلِ العراق لا يَحتجْنَ إلى أحدٍ بعدي أبدًا.

ووضع عمر رضوان اللَّه عليه عن أهل السَّواد الرّقَّ بالخراج الذي وَضعه عليهم، وجعله أكرة في الأرض.

ولما فتح المسلمون السواد قالوا لعمر رضوان اللَّه عليه: اقسِمْه بيننا فأبى، فقالوا: إنا فتحناه عَنوة، قال: فما لمَن جاء بعدكم من المسلمين، أخافُ أن يُفتتنوا ويَقتتلوا، ويتقاعدوا عن الجهاد، فأقرّ أهلَ السَّواد في أرضهم، وضرب عليهم الضَّرائبَ في الخراج.

وكان سواد العراق يُجبَى في زمن الفُرس مئة ألف ألف وخمسين ألف ألف درهم، وقيل: إن الفرس كانت تَجبي خراجَ فارس أربعين ألف ألف مِثقال، وتَجبي كَرْمان ستين ألف ألف مثقال، لأنها كثيرةُ العيون متسعة، وفارس بلادٌ ضيّقة قليلة العيون، وكانت تَجبي خُوْزِسْتان خمسين ألف ألف درهم، ومن الجَبل إلى حُلوان ثلاثين ألف ألف درهم.

وأما خراج مصر فقد كان يُجبى في أيام فرعون ستة وستين (١) ألف ألف دينار، وجباها عبد اللَّه بن الحَبْحَاب في أيام بني أمية ألفي ألف وسبع مئة ألف وثلاثة وعشرين ألف وسبعة دنانير.

وأما الشام والعواصم وقِنَّسْرين فقد كان خراجها أربع مئة ألف دينار، وكذا الجزيرة، وأما الموصل وما والاها فقالوا: أربعة آلاف ألف دينار، وثلاثة وعشرون ألف دينار.

وفيها ضَرَبَ عمر الدنانير والدراهمَ على نُقوشِ الأكاسرة، وجعل عليها: لا إله إلّا اللَّه، وعلى بعضِها محمد رسول اللَّه، وعلى بعضِ الدراهم عمر، وقيل: إنَّما ضَرَبَ الدراهم لا غَيْر.

وفيها غزا عمرو بنُ العاصِ بَرْقَةَ، وانتهى إلى طرابلس، وصالح أهلَها على مالٍ.


(١) في المنتظم ٤/ ٣١٠: ستة وتسعين.