للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه اثنتا عشرة رُقعةً.

وفي روايةِ ابن سعدٍ أيضًا قال: أبطأ عمرُ يوم جمعة عن الخُطبةِ، فلما صَعِد المِنْبَرَ اعتذر إلى الناسِ وقال: إنَّما حَبَسني قَميصي هذا؛ لم يكن لي سواه، يعني أنَّه غَسَلَهُ. قال: وكان يُخاط له قميصٌ سُنبلانيّ، لا يُجاوِزُ كُمُّه رُسْغَ كفِّه (١).

وقال هشام بن عروة: خطب عمر يومًا الناسَ وعليه إزارٌ جديد فلما قال: أيُّها الناسُ، أدار سلمانُ الفارسيُّ ظهره إليه، فقال عمر: يا عبد اللَّه، يعني ولَده، هذا الإزارُ لمن؟ فقال: لي، فقال عمر: أيُّها الناسُ، غسلتُ ثوبي، ودَهَمَني وقتُ الصلاةِ، ولم يَجِفَّ، فأخذتُ ثوبَ عبد اللَّه، فأدار سلمانُ وجهه إليه وقال: قُلِ الآن حتى نَسْمَعَ.

وقال عبد اللَّه بن أحمد بإسناده عن ابن عمر قال: أُتي عمر بشَرْبَةٍ من عَسَلٍ، فذاقها وقال: اعزلوا عني حسابها، اعزلوا عني مُؤنتها (٢).

وروى عبد اللَّه بن أحمد بإسناده إلى ابن عباسٍ قال: دخلتُ على عمر، وبين يديه مالٌ، فنَشَج حتى اختلفتْ أضلاعُه، ثم قال: ودِدْتُ أن أنجُوَ منه كفافًا، لا لي ولا عليَّ (٣).

وقد ذكرنا أنَّه حجَّ فأنفق في حَجَّته ستَّةَ عَشَرَ دينارًا، وكان يَسْتظِلُّ بالشجر ولا خيمةَ له ولا فُسْطاط، وقال لابنه عبدِ اللَّه: قد أَسْرَفنْا.

وفي روايةٍ أن عمر رأى جاريةً وهي تمشي تترنَّح من الجوعِ، فقال: وَيْحَ هذه! من يَعْرِفُها؟ فقال ابنُه عبد اللَّه: هذه ابنتي، قال: فما بالُها؟ قال: تحبِسُ ما في يدِكَ فيُصيبنا كذا، فقال: يا عبدَ اللَّه، بيني وبينكم كتابُ اللَّه، ما أُعطيك إلّا ما فَرَضَ اللَّه لك (٤).

وقال ابن سعد: كان عمر وهو خليفة يَتَّجر (٥).

وحكى ابن سعدٍ أيضًا عن الحسن قال: كان خبزُ عمر مَأْدومًا يومًا بزيتٍ، ويومًا بسَمْنٍ، ويومًا بقَديدٍ يابسٍ، فقيل له في ذلك فقال: لو شِئتُ لكنتُ أطيبَكم طعامًا، أما


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٣٠٤، ٣٠٥.
(٢) الزهد ١٤٩.
(٣) أخرجه ابن سعد ٣/ ٢٦٨ مطولًا.
(٤) طبقات ابن سعد ٣/ ٢٥٧.
(٥) طبقات ابن سعد ٣/ ٢٥٨.