للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففهم عمر رضوان اللَّه عليه، فاستَدعى زوجَها، فوجده أَخضرَ الأسنان، مُتَغَيِّر الفم، قبيحَ المنظر، فخُيّر بين جاريد من الفيء، أو خمس مئة درهم، ويُطلّق امرأتَه، فاختار الخمس مئة درهم، وطلّق المرأة (١).

ذكر جملةٍ من كلامه:

حدَّثنا غير واحدٍ عن فخرِ النساء الكاتبة بإسنادها، عن وديعة الأنصاري قال: سمعتُ عمر بن الخطاب يقول وهو يَعِظُ رجلًا: لا تتكلَّم فيما لا يَعنيك، واعتزلْ عدوَّك، واحذرْ صديقَك إلا الأمين، ولا أمينَ إلا مَن يَخشى اللَّه، ولا تَمْشِ مع الفاجرِ فيعلِّمك من فُجورهِ، ولا تُطلِعْهُ على سِرِّك، ولا تُشاورْ في أمرِك إلا من يَخافُ اللَّه وَيتَّقيه (٢).

وروى مالك بن دينار، عن الأحنف بن قيس قال: قال لي عمر: يا أحنَفُ، مَن كثر ضَحِكُه قَلَّتْ هَيْبَتُهُ، ومَن مَزَحَ استُخِفَّ به، ومَن أكثر من شيءٍ عُرِف به، ومَن كَثُرَ كلامُه كَثُر سَقَطُه، ومَن كَثُر سَقَطُه قلَّ حَياؤه، ومَن قلَّ حياؤه قلَّ وَرَعُه، ومَن قلَّ وَرَعُه مات قَلْبُهُ (٣).

وقال ابن عباس: بعث ملكُ الروم إلى عمر بقارورةٍ فقال: امْلَأْها من كلِّ شيءٍ، فملأها ماءً وقرأ: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: ٣٠].

وكتب إلى أبي موسى: من عبد اللَّه أمير المؤمنين عمر، إلى عبد اللَّه بن قيس: سلام عليك، أما بعد، فإن للناس نَفْرةً من سلطانهم، فاحذر أن تُدرِكَك عَمياءُ مَجهولة، وضَغَائن مَحْمولَة، وأهواء مُتَّبَعة، ودنيا مُؤثَرة، فأقِمِ الحُدود ولو ساعةً من نهار، وأخِف الفُسَّاق، ومتى وقعت مُنَافرةٌ بين القبائل فتَنَادَوْا: يا لَفلان؛ فإنما تلك نَخْوة الشيطان، فاضربهم يالسيف حتى يفيئوا إلى أمر اللَّه، واستَدِمِ النِّعَم بالشُّكر، والطَّاعةَ بالتّأليف، والقُدرة بالعفو، والنَّصْرَ بالتَّواضُع.

وبلغني أن ضَبَّةَ قالت: يا آل ضَبَّة، ومَن ضَبَّة، واللَّه ما أعلم أن اللَّه ساق بها خيرًا،


(١) تاريخ دمشق ٥٣/ ٣٠٤.
(٢) حلية الأولياء ٧/ ٢٦٨، وتاريخ دمشق ٥٣/ ٣٠٧ - ٣٠٩.
(٣) تاريخ دمشق ٥٣/ ٣٠٩.