للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثامنة والعشرون]

وفيها فُتِحت قُبرس على يد معاوية بن أبي سفيان في قولِ الواقدي، وقال أبو معشر: كان ذلك في سنة سبعٍ وعشرين.

وقال الواقدي: كان عمر قد منع المسلمين من الغَزْوِ في البحرِ شفقةً عليهم، واستأذنه معاويةُ في ذلك فلم يأذن له، فلما وَليَ عثمانُ استأذنه فأذِنَ له وقال: لا تُكْرِه أحدًا، مَن غزا طائعًا فاحمِلْه، ولا تُكرِه أحدًا، فسار في جماعةٍ من الصحابةِ منهم: أبو ذَرّ وعُبادة بن الصامت، ومعه زوجته أُمُّ حَرام بنت مِلْحان، خالةُ أنس بن مالك، أُخت أُمَّ سُلَيم، وشدَّاد بن أوسٍ وأبو الدرداءِ في آخرين.

وهو أوَّل من غزا الجزائِرَ في البحرِ، وقيل: كان ذلك في سنة ستٍّ وثلاثين، يعني غزاة الصحابة معه.

وقال الواقدي: صالحه أهلُها على مالٍ، والأصحُّ أنَّها فُتِحت عَنْوةً.

وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن (١) جبير بن نُفَير قال: لمّا افتتح المسلمون قُبرس فرَّقوا بين أهلِها، فجعل بعضُهم يَبكي إلى بعضٍ، فبكى أبو الدرداءِ، فقلتُ له: ما يُبكيكَ في يومٍ أعزَّ اللَّهُ فيه الإسلامَ، وأذلَّ الشِّركَ وأهله؟ فقال: دَعْنا منك يا جُبَيْرُ، ما أهونَ الخَلْقَ على اللَّه إذا تركوا أمره! بينما هي أُمَّةٌ قادِرةٌ قاهرة، تركوا أمر اللَّه، فصاروا إلى ما ترى، وفي روايةٍ: فسلَّط اللَّه عليهم السَّبْيَ، وإذا سُلِّطَ على قومٍ فليس له فيهم حاجَةٌ (٢).

وفيها التقى عبد اللَّه بن سعد بن أبي سَرْح بمعاوية على قُبرس.

فصل: وفيها تزوَّج عثمان بن عفان نائلة بنت الفَرافِصة.

واختلفت الروايةُ في سبب تَزويج عثمان نائلة، فقال هشام: كان الفَرافصةُ يسكنُ السَّماوَةَ -سَماوَةَ كَلْبٍ- وكان نصرانيًا وابنتُه نصرانيّة، وكانت بارِعةَ الجَمالِ، فبلغ


(١) من قوله: وهو أول من غزا الجزائر. . . إلى هنا ليس في (خ) و (ع).
(٢) المنتظم ٤/ ٣٦٤، وأخرجه الطبري ٤/ ٢٦٢.