للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عامر، فقَدَّم بين يديه عثمان بن أبي العاص الثقفي، فالتَقَوا، فقتل منهم مقتلةً عظيمة، واستقامت البلادُ وفتح اصطَخْر، وعاد إلى البصرة، وبعث إلى عثمان رضوان اللَّه عليه بالفتح والغنائم (١).

وفي هذه السنةِ رجم عثمان بن عفان امرأةً من جُهينةَ دخل بها زوجُها، فولدت لستّة أشهر، قال محمد بن حبيب الهاشمي: فدخل عليه عليٌّ ﵇ فقال: ما فعلتَ؟ فإن اللَّه تعالى يقول: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥]، وقال: ﴿يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] فأقلُّ مُدَّةِ الحملِ ستَّةُ أشهُر، فأرسل عثمان في أثرِها وقد فات الأمر، وهذا سابعُ أمرٍ أُخِذَ على عثمان.

وقال الواقدي: وفي هذه السنةِ وسَّع عثمانُ مسجدَ رسول اللَّه ﷺ، وابتدأ في بنائهِ في شهرِ ربيعٍ الأوّلِ، وبناه بالحجارةِ المنقوشةِ، وزَخْرَفَه بالذهبِ والفضَّة، وسَقَفه بالسّاجِ، وجعل طُولَه ستين ومئةَ ذِراعٍ، وعرضَه خمسين ومئةَ ذِراعٍ، وجعل له ستَّة أبوابٍ، قال: وإنَّما وسَّعه لأنه ضاق بالناسِ.

وذكر جدّي في "المنتظم" وقال: رأيتُ لأبي الوفاءِ بن عَقيل كلامًا حسنًا في قوله ﷺ: "صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألفِ صلاةٍ في غيرهِ إلا المسجد الحرام"، قال: هذا الفضل يتعلَّقُ بمسجدِ النبي ﷺ الذي كان في زمانهِ، لا بما زِيدَ فيه بعده (٢). وقد عَلَّمَ أهلُ المدينةِ مكانَ المسجدِ القديمِ بالحبالِ، وهو مُعَلَّم إلى هَلُمَّ جَرًّا.

قلتُ: وقد ضَيَّق ابنُ عَقيلٍ على الزوّارِ أماكنَ الصلاةِ، وقد يَحتمل أن يَحجَّ خَلْقٌ كثيرٌ فلا يَصِلون إلى ذلك المكان المُعَيَّنِ، وقد قال ﷺ: "جُعِلت لي الأرضُ مسجدًا"، وما قصد إلّا دَفعَ الحَرَجِ، والظاهر أنْ ليس في المدينةِ مكانٌ إلّا قد وَطِئه بقَدِمهِ،


(١) من قوله: وعلى سجستان عبد اللَّه بن عمير. . . إلى هنا ليس في (ك)، وانظر الطبري ٤/ ٢٦٤ - ٢٦٥، والمنتظم ٥/ ٣ - ٤.
(٢) المنتظم ٥/ ٥، والحديث في مسند أحمد (١٦٠٥) و (٤٦٤٦) و (٧٢٥٣) و (١٤٦٩٤) و (١٦١١٧) و (١٦٧٣١) و (٧٧٣٤) و (٢٦٨٣٥) عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبي هريرة وجابر وابن الزبير وجبير ابن مطعم وعائشة وميمونة ﵃، وانظر صحيح البخاري (١١٩٠)، وصحيح مسلم (١٣٩٤ - ١٣٩٦).