للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنت من أهل هذا البلد؟ قلتُ: لا، قالوا: مات اليومَ سيَّدُ المسلمين أُبيُّ بن كعب.

وقال الواقدي فيما حكاه عنه ابنُ سعدٍ: إنَّ أهل أُبيٍّ وغيرَ واحدٍ من أصحابنا يقولون: إنَّه مات في خلافة عمر بن الخطاب، سنة اثنتين وعشرين بالمدينة.

قال: وسمعتُ مَن يقول: ماتَ في خلافةِ عثمان سنة ثلاثين، وهو أثبتُ الأقاويل عندنا، وصلى عليه عثمانُ، ودُفِنَ بالبقيعِ؛ وذلك لأن عثمانَ أمره أن يجمعَ القُرآن (١).

قلتُ: والدليل عليه ما روى البُخاري (٢) عن عبد الرحمن بن أَبْزى قال: قلتُ لأُبيّ ابن كعب لمّا وقع الناسُ في أمر عثمان: يا أبا المنذِرِ، كيف المَخْرَجُ من هذا الأمرِ؟ قال: كتابُ اللَّه، ما استبانَ فاعمل به، وما اشتبه فكِلْهُ إلى عامله.

وقال ابن سعدٍ بإسناده عن محمد بن سيرين: أن عثمان جمع اثنَيْ عشر رجُلًا من قُريشٍ والأنصار، فيهم أُبيُّ بن كعب وزيد بن ثابت في جمع القُرآن (٣)، وكذا ذكر جدي في "التّلقيح" (٤) أنَّه مات في سنة ثلاثين، وروى أن الصُّحُفَ التي جُمع فيها القُرآن كانت عند أبي بكرٍ حتى توفّاه اللَّه، ثم عند عمر حتى توفّاه اللَّه، ثم عند حفصة بنت عمر.

زاد البخاري، عن ابن شهابٍ، عن أنسٍ: أنَّ حُذيفةَ بن اليمان قَدِمَ على عثمان وهو يُغازي أهلَ الشامِ في فَتْح إرْمِينية وأَذْرَبيجان مع أهل العراقِ، فأفْزَعَ حذيفةَ اختلافُهم في القِراءةِ، فقال لعثمان: يا أمير المؤمنين، أَدْرِكْ هذه الأُمَّةَ قبل أن يَختلفوا اختلافَ اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة بنت عمر: أن أرسلي إلينا بالصُّحفِ نَنْسَخُها في المصاحفِ ثم نردُّها إليك، فأرسلت بها إليه، فأمر زيدَ بنَ ثابت، وعبد اللَّه بن الزبير، وسعيد بن العاصِ، وعبد اللَّه بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحفِ، وقال عثمان للرَّهط القُرشِيّين: إذا اختَلفتم أنتم وزيدٌ في شيءٍ فاكتبوه بلسانِ قُريش؛ فإنَّما أُنزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا المصاحِفَ ردَّ عثمان الصُّحُفَ إلى حفصة، وأرسل إلى كلَّ أُفُقٍ بمُصْحفٍ مما نَسخوا، وأمر بما سِوى ذلك


(١) الخبران في طبقات ابن سعد ٣/ ٤٦٥، ٤٦٦.
(٢) من قوله: وقال الواقدي فيما حكاه. . . إلى هنا ليس في (خ) و (ع)، والخبر في التاريخ الكبير ٢/ ٤٠.
(٣) طبقات ابن سعد ٣/ ٤٦٦.
(٤) ص ١٣٢.