للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال هشام عن أبي مخنف: لما قدم محمد مصر قرأ عليهم كتابَ أمير المؤمنين يدعوهم فيه إلى الطاعة، وهو من جِنْس كتابه لقيس بن سعد، وفي آخره: وكتب عُبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله لغُرَّة شهر رمضان.

قال: ثم إن محمدًا لم يَلبَث شهرًا حتى بعث إلى أولئك القوم المعتزلين الذين وادعهم قيس بن سعد، فقال لهم: إما أن تَدخلوا في طاعتنا، وإما أن تَخرجوا من بلادنا، فقالوا: لا تَعجَلْ علينا، دعنا ننظر في أمورنا إلى ما نصير إليه، فأبى عليهم، فامتنعوا منه، وأخذوا حِذرَهم وهم لمحمد هائبون، حتى كانت وقعة صفّين، وصار أمرُهم إلى الحكومة، ورجع علي إلى العراق، ومعاوية إلى الشام، اجترؤوا حينئذ على محمد بن أبي بكر، وبارزوه بالعصيان، فبعث إليهم محمد الحارثَ بنَ جُمهان الجُعْفيّ إلى خَرِبْتا، وفيها يزيد بنُ الحارث من بني كِنانة، فقاتلهم فقتلوه، ثم بعث إليهم محمد رجلًا آخر من كلب، يُدعى ابن مصاهر (١) فقتلوه، وظهروا على محمد، وصاروا مع معاوية، وقَتل بعد ذلك معاوية بنُ حُدَيج محمد بنَ أبي بكر لما نذكره.

وقال أبو اليقظان: لما يئس معاوية من قيس بن سعد كتب إليه: أما بعد، فإنك يهوديّ ابن يهودي، مات أبوك طَريدًا بحوران.

فكتب إليه قيس: أما بعد، فإنك وَثَنٌ ابنُ وثن ابن وثن، دخلتَ في الإسلام كُرهًا، وخرجتَ منه طَوعًا، لم يتقدَّم (٢) إيمانُك، وظهر نِفاقُك، ونحن أنصارُ الدين الذي دخلتَ فيه كُرهًا، ومرقتَ منه طَوعًا. وأما أبوك فملعونٌ على لسان رسول الله يوم الأحزاب، وأنت وأخوك -أو وأخواك- معه، والسلام.

وفيها قدم مَرزُبان مَرْو على علي -واسمه: ماهَوَيه- بعد الجمل مُقِرًّا بالصّلح، فصالحه علي، وكتب له كتابًا إلى الدَّهاقين، ثم كفر بعد ذلك، فبعث إليه علي خُلَيْدَ بن قُرَّةَ اليَربوعي.


(١) في الطبري ٤/ ٥٥٧: ابن مضاهم.
(٢) في العقد ٤/ ٣٣٨: فأنت وثني ابن وثني … لم يَقْدُم.