للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن رَمَوكم بشيخ من ذوي يَمَنٍ … لم يَدْرِ ما ضَرْبُ أخماسٍ وأسداسِ (١)

وقال أمير المؤمنين: وإنهم فعلوا ذلك بغير رِضىً منّي.

وقال الجاحظ: قيل لابن عباس ما منع أمير المؤمنين أن يبعثك في نوبة التحكيم؟ فقال: قد أشرتُ عليه فامتنع؛ لأن الأشعثَ بن قيس ومَن خرج عليه أبَوا ذاك، والله ما منعه إلا حائلُ القَدَر، وقِصَرُ المدّة، ومِحْنَةُ الابتلاء (٢).

رجع الحديث: ثم اجتمعوا بين يدي أمير المؤمنين، وكتبوا كتابَ الصُّلح.

قال أبو مخنف وهشام وغيرهما: وصورة الكتاب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، فقال عمرو بن العاص: اكتبوا اسمَه واسمَ أبيه فإنه أميركم، فأما أميرُنا فلا، فتوقّف الحال، فقال له الأحنف بن قيس: يا أمير المؤمنين، لا تَمْحُ اسم إمارة المؤمنين؛ فإني أخاف إن محوتَها ألا ترجع إليك أبدًا، لا تمحها وإن قتل بعض الناس بعضًا، والله لقد بايعناك ونحن نعلم أنك أحقُّ بهذا الأمر من جميع الناس، ولو علمنا أن غيرك أحقُّ منك لبايعناه، والله لئن استَنَّيتَ بسُنَّة الكفار لا يرجع إليك هذا الاسم أبدًا.

فكان الحسن البصري يقول: لله درُّ الأحنف، قلّما وزن برأيه رأي إلا رجح.

وأقام القوم مليًّا من النهار، ثم قال علي امحه، ثم قال: الله أكبر، سُنَة بسنة، ومثل بمثل، والله إني لكاتب رسول الله ﷺ يوم الحديبية إذ قالوا: لست برسول الله، ولا نشهد لك بذلك، اكتب اسمك واسمَ أبيك. فقال عمرو بن العاص: سبحان الله أنُشَبّه بالكفَّار ونحن مؤمنون أو مسلمون، فقال له أمير المؤمنين: يا ابن النَّابغة، ومتى لم تكن عدوًّا للمسلمين، أو ومتى لم تكن للفاسقين وليًّا، وللمسلمين عدوًّا، وهل تُشبه إلا أمّك التي دفعت بك؟ فقال الأشتر: دعني أضربْ عُنقَ عدوِّ الله، فقال علي: دَعْه، فقام عمرو قائمًا وقال: لا يجمع بيني وبينك مجلس بعد اليوم، فقال أمير المؤمنين: إني لأرجو أن يُطَهِّر الله مجلسي منك ومن أشباهك، وكتبوا الكتاب.


(١) الأخبار الطوال ١٩٣، ووقعة صفين ٥٠٢.
(٢) ذكره السعودي في مروج الذهب ٥/ ٢٣٢ - ٢٣٣ دون نسبة.