للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحببتم، واكتبوا إلينا بما أردتُم، وأفضى إليه رأيُكم والسلام.

ثم دعَوا عبد الله بن مَعْبَد العبسي -وقيل: عبد الله بن سعد- فبعثوه با الكتاب وقالوا: سِرْ حتَّى تَقدم به على إخواننا بالبصرة، فسار إلى البصرة.

قال ابن إسحاق: وخرجوا من الكوفة بعد الكتاب متفرِّقين، وخرج زيد بن الحُصَين على بَغلةٍ يقود فرسًا له بعد العتمة.

وقال أبو مخنف: كان بدءُ خروجهم من منزل حُرقوص بن زهير، وهي ليلة الخميس، وقيل: ليلة السبت، لأنهم قالوا: ما تفوتُنا الجمعة، فإن قيل: فإنهم ما كانوا يرون إمامةَ أمير المؤمنين قلنا: ما قاموا الجمعة مع أمير المؤمنين؛ وإنما كانوا يرون يوم الجمعة أفضل الأيام، فيزدادون فيه عبادة وصلاة فُرادى أو في جماعتهم، قيل: وخرجوا ليلة السبت، وجاء بنو عمِّ لترَيح بن أوفى ليمنعوه، فانتَضى سيفَه وقال: والله لئن عَرض لي أحدٌ منكم لأضربنّه بسيفي، فقالوا: أبعدك الله، إنما أشفَقْنا عليك، فأما إذ أَبيتَ إلا هَلاك نفسِك فأنت أبصر، فخرج فلحق بالقوم.

قال: وخرج زيد بن حُصَين الطائي راكبًا على بغلة، يقود فرسًا له بعد العَتَمة وهو يتلو: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ إلى قوله: ﴿سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [القصص: ٢١ - ٢٢]، وخرج القعقاع بن نَفْر بن قيس بن جَحْدَر الطائي، فجاء أخوه تميم (١)، فاستغاث بقومه فحبسوه، وخرج عبد الله بن حكيم البَكَّائي فاتّبعه عبد الله بن الطُّفَيل ويزيد بن معاوية (٢)، فهدَّداه فرجع.

قال: وخرج زيد بن عديّ بن حاتم الطائي معهم، فخرج أبوه في طلبه وعاد، فقال لعلي: يا أمير المؤمنين، إن ابني خرج مع القوم، وكان الَّذي أفسده عليّ وفَرَّق بيني وبينه زيد بن حُصَين الطائي، وإني اتَّبعتُه حتَّى انتهيتُ إلى المدائن، فلم أقدر عليه فانصرفت، فلما انتهيتُ إلى ساباط لقيتُ عبد الله بن وهب في نحوٍ من عشرين، مقنّعين بالحديد، فاعتزلتُهم ووقفت جانبًا، فنزلوا على شطّ النهر، ولستُ آمَنهم أن يَدخلوا المدائن، فابعث إلى عاملك عليها سعد بن مسعود فحذِّره لا يَبغتوه. فبعث علي زيادَ بنَ


(١) كذا، والذي في أنساب الأشراف ٢/ ٢٥٦: حكم بن نفر، وهو جد الطرماح بن حكيم.
(٢) كذا.