للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتاسع: أنَّه أعلمهم أنه يسكن آدم الأرض، وإن كان ابتداء خلقه في الجنَّة، قاله السُّدي (١).

والعاشر: أنَّه خبرٌ أخبرهم به، وليس بمشورة. وهو أجود.

وقيل: إنَّ فيه إشارة إلى إخراج هذا الخليفة من الجنَّة بذنبه قبل أن يسكنها، فدلَّ على أنَّ الكلَّ بقضائه وقدره، قاله أهل المعاني.

وروى مجاهد عن ابن عباس بمعناه، فإنَّه قال: أخرج الله آدم من الجنَّة بذنبه قبل أن يُسكنه إيَّاها، ولو لم يرد إخراجه لما نوَّه بقوله: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾.

[فصل في الخليفة]

قال علماء اللغة: الخليفة هو القائم مقام غيره، فهو خَلَف عمَّن تقدمه.

وقال الجوهري: ويقال: خلَفَ فلان فلانًا إذا كان خليفته، يقال: خلفه في قومه خلافة، ومنه قوله: ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي﴾ [الأعراف: ١٤٢]، قال: والخليفة السلطان الأعظم (٢).

وقيل: إنَّ الله تعالى ذكر خمسة نفر بالخلافة: آدم في هذه الآية، وداود ﴿إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً﴾ [ص: ٢٦]، وهارون ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي﴾، وصلحاء هذه الأمة ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النور: ٥٥]، وصلحاء الأمم ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ﴾ [النمل: ٦٢].

وفي معنى خلافة آدم قولان: أحدهما: أنه خليفة عن الله في إقامة شرعه، روي عن ابن مسعود وابن عباس (٣).

والثاني: أنه خلفٌ عمَّن تقدَّمه في الأرض قبله، وهو مروي عن ابن عباس أيضًا (٤). والأوّل أظهر، لأن آدم كان بهذه المثابة.


(١) إلى هنا مستمد من "التبصرة" ١/ ١٢.
(٢) "الصحاح": (خلف).
(٣) انظر "تفسير" الطبري ١/ ٢٠٠، و "زاد المسير" ١/ ٦٠، و"التبصرة" ١/ ١٣.
(٤) انظر "تفسير" الطبري ١/ ١٩٩، و "زاد المسير" ١/ ٦٠، و"التبصرة" ١/ ١٣.