للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن سعد بإسناده عن سلمان الفارسي، أن ابن مسعود قال: خمَّر الله طينةَ آدم أربعين ليلة وأربعين يومًا ثم ضرب بيده فيه فخرج كلُّ طيِّب في يمينه، وخرج كلُّ خبيث في يده الأخرى، ثم خلط بينهما، قال: فمن ثمَّ يُخرج الحيَّ من الميت والميت من الحيِّ (١).

وروى ابن سعد بإسناده عن عبد الصمد بن مغفل، أنه سمع وهب بن منبه يقول: خلق الله ابنَ آدم كما شاء مما شاء، فتبارك الله أحسن الخالقين، خلق من التراب والماء، فمنه لحمه ودمه وشعره وعظامه وجسده كله، فهذا بدءُ الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم (٢).

وقال ابن عباس: أتته النفخة من قبل رأسه، فجعلت لا تجري في شيء إلّا صار لحمًا ودمًا (٣).

وقال ابن سعد بإسناده قال: قال رسول الله : "إنَّ اللهَ خَلَقَ آدم بيدِهِ" (٤).

فإن قيل: فقد قال الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ [الإسراء: ٨٥] فقد رُدَّ العلم إلى الله تعالى.

فالجواب من وجهين:

أَحدهما: أن اليهود أرادوا امتحان النبي بذلك، فكان سكوته عن الجواب من أمارات معجزاته، لأنهم قالوا: إن أجاب فليس بنبيٍّ.

والثاني: أنه لا يسعنا أن نقول: إن رسول الله لم يعلم سرَّ الروح مع قوله : "فأورَثَني عِلمَ الأوَّلينَ والآخِرينَ" (٥) وكان معناه: أنني لا أخبر من ليس بأهل عن هذا السرّ كاليهود، أمّا من هو أهل فنعم.

وقال أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرزاق بإسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله


(١) "الطبقات الكبرى" ١/ ٢٧.
(٢) "الطبقات الكبرى" ١/ ٢٧.
(٣) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ٩٥.
(٤) "الطبقات الكبرى" ١/ ٢٧ من حديث عبد الله بن الحارث.
(٥) لم نقف عليه بهذا اللفظ، ولكن عند أحمد (٣٤٨٤) من حديث طويل: " … فعلمت ما في السماوات وما في الأرض … " وإسناده ضعيف.