للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

: "إنَّ الله خَلقَ آدمَ على صُورتِه، طولُه ستُّونَ ذراعًا، وقال له: اذهَبْ فسلِّمْ على أولئك النَّفَر من الملائكةِ وهم جُلُوسٌ، واسمع ما يُحيُّونَكَ، فإنَّها تحيَّةُ ذُريَّتِكَ، فجاء فسَلَّم، فقالوا: وَعليك السَّلامُ ورحمةُ الله، فزادوه: ورحمةُ الله، فكلُّ مَن يَدخُلُ الجنَّةَ على صورةِ آدَمَ وطولِه، فلم يَزَلِ الخَلقُ ينقُصُ بعد ذلك" أخرجاه في "الصحيحين" (١).

وقد تكلَّموا على قوله: "خلق آدم على صورته"، قال قوم: الهاء عائدة إلى آدم، ومعناه: على صورته التي خلقه عليها، ومنهم من حمل الصورة على الصفة، وصفات الله ثابتة من السَّمع والبصر ونحوه.

فإن قيل: فقد ورد في حديث "على صورة الرحمن" (٢) فالجواب: أنه لا تصحُّ هذه الرواية.

وروى مجاهد عن ابن عباس قال: إنَّ عرض آدم كان سبعةَ أذرع، وإنَّ نَفَسه كان يؤذي أهل السماء، وكان رأسه يخطُّ السماء فأورثه ذلك الصَّلع، وإن الله حطَّه إلى ستين ذراعًا (٣).

قلت: هذا قول ضعيف لما ذكرنا من بعد المسافة بين السماء والأرض.

[فصل في تعليمه الأسماء]

قال الله تعالى ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ﴾ [البقرة: ٣١] اختلفوا في الذي علَّمه على أقوال:

أحدها: أنها أسماء الملائكة، قاله الربيع بن أنس (٤).

والثاني: أسماء ذريَّته، قاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (٥).

والثالث: أنه علَّمه جميع الأسماء، فقال: هذا فرس، وهذه دابَّة، هذه قصعة، هذه قصبة، هذا نعل، هذا كذا، حتى أتى على آخرها، قاله ابن عباس (٦)، وهو الأصح


(١) أخرجه أحمد في مسنده (٨١٧١)، والبخاري (٣٣٢٦)، ومسلم (٢٨٤١).
(٢) أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (٤١) والطبراني في "الكبير" (١٣٥٨٠) من حديث ابن عمر.
(٣) ذكره ابن الجوزي في المنتظم ١/ ٢٠٢ عن مجاهد قوله، وقال عقبه: ليس هذا شيء.
(٤) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ٩٩.
(٥) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ٩٩.
(٦) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ٩٧.