للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّاهون، وقيل: انحلوس، عند وادي سَرَندِيب. واسم الوادي بهيل بين الدَّهنج والمندل، وهما بلدان بأرض الهند (١). قال مقاتل: وهذا الجبل أقرب جبال الأرض إلى السماء.

وأُهبطت حوَّاء بجُدَّة من أرض مكة، والحيَّة بنَصِيبِين الجزيرة، وقيل: بأَصبهان، وإبليس بميسان، وقيل: بالأُبلَّة (٢).

قال الجوهري: وميسان اسم كورة بسواد العراق (٣). قال: والأُبُلَّة -بالضَّمِّ- مدينة إلى جانب البصرة (٤). وقد ذكرها ابن الجواليقي قال: وهي بلدة قديمة (٥). وقال أبو عبيد: هي آخر أعمال البصرة.

وقال ابن زيد: أهبط إبليس بالبصرة، وكذا قال الحسن البصري. وقال الحسن: ولهذا هي معدن المعتزلة والقدريَّة واليهود.

فإن قيل: فقد عَصَوا جملةً واحدة في مكان واحد، فما الحكمة في كونهم أهبطوا متفرقين؟ فالجواب: أنهم لما عصوا في ذلك المكان الشريف بدَّد الله شملهم في أقطار الأرض، وهو أبلغ في العقوبة من اجتماعهم في مكان واحد، ولهذا أُبقِيَ آدم مدَّة حتى اجتمع بحوَّاء بجَمْع، فلذلك سُمِّيت جَمْعًا على قول البعض، ثمَّ ازدُلِفت إليه بالمزدلفة، فسُمِّيت بذلك، ثم التقيا بعرفات فتعارفا، ورجعا إلى الهند، لما نذكر.

وحكى الحافظ أبو القاسم في "تاريخ دمشق": أنَّ آدم كان يسكن بيت أبيات، قرية بسفح قاسيُون كانت، وإليه ينسب مسجدها، وأنَّ حوَّاء كانت تسكن بيت لَهيَا (٦).

قلت: ولم يوافقه على هذا القول أحد لإجماعهم على أن آدم كان بالهند ويتردَّد إلى مكة ولم يدخل الشَّام، والله أعلم.


(١) انظر "تاريخ الطبري" ١/ ١٢٢.
(٢) انظر "تاريخ الطبري" ١/ ١٢٢، و"التبصرة" ١/ ١٦.
(٣) "الصحاح": (ميس).
(٤) "الصحاح": (أبل).
(٥) "المعرب": ص ٦٤.
(٦) "تاريخ دمشق" ٦٩/ ١٠١.