للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن سعد (١): وبعثه رسولُ الله إلى القُرَطاء -وهم من بني كلاب (٢) - سَرِيَّةً في ثلاثين فارسًا من الصحابةِ، فسَلِمَ وغَنِمَ. قال: وبعثه إلى ذي القَصَّةِ [سريةً] في عشرة نفرٍ، واستعمله في عمرة القَضِيَّةِ على الخيل، وكانت مئة فَرَس.

وقال ابن سعد (٣) بإسناده عن إبراهيم بن جعفر، عن أبيه قال: كان محمد بن مَسْلَمة يقول: يا بَنِيَّ، سَلُوني عن مشاهد رسولِ الله ومواطنِه، فإني لم أتخلَّفْ عنه في غزوةٍ قطُّ إِلا واحدةً في تبوك، خلَّفني على المدينةِ، وسلوني عن سراياه، فإنه ليس منها سَرِيَّةٌ تخفى عليَّ؛ إمَّا أَن أكونَ فيها، أو أن أعلمها حين خَرَجَتْ.

وحكى ابن سعد (٤) أنَّ محمدًا كان رجلًا أسودَ طُوالًا عظيمًا أصلع. قال: وكان يُسَمَّى فارسَ [نبيِّ] الله (٥).

وذكره ابن عبد البَرِّ فقال: كُنيتُه أبو عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو سعيد (٦).

وقال ابن يونس: شهد فتح مصر، وكان فيمن طلع الحصنَ مع الزبير بن العوَّام، واختطَّ بمصر، ثم رجع إلى المدينة، وقَدِم مرَّةً أُخرى مصر في مُقاسمةِ عمرو بن العاص، فلم يقبل رِشوَةً، وقد ذكرناه.

وروى الحسنُ في مراسيله أنَّ محمدًا مرَّ بين الصفا والمروةِ، ورسولُ الله صلى الله عليه واضعٌ خدَّه على خدِّ رجلٍ، لم يُسَلِّم، فدعاه وقال: "يا محمَّدُ، ما لك لم تُسَلِّمْ"؟ فقلتُ له: رأيتُكَ فعلتَ بهذا الرجلِ شيئًا لم تفعله بغيرِه، فكرهتُ أن أَقطع عليكَ


(١) في "الطبقات" ٣/ ٤٠٩، وما سيرد بين حاصرتين منه.
(٢) القُرَطاء بطن من بني بكر بن كلاب، وكانوا ينزلون البكرات، بناحية ضريَّة، وبين ضريَّة والمدينة سبع ليال. ينظر "الطبقات" ٢/ ٧٤ وتاريخ دمشق ٦٤/ ٣٣٣، وفيهما خبر السريَّة. وينظر "الإكمال" ٧/ ١١١.
(٣) الطبقات ٣/ ٤٠٩.
(٤) في "الطبقات" ٣/ ٤٠٩ - ٤١٠، وما سيرد بين حاصرتين منه.
(٥) في "تاريخ دمشق" ١٤/ ٣٥٨: حارس نبي الله .
(٦) الاستيعاب ١٠/ ٤٤ - ٤٥، وليس فيه أنه يكنى بأبي سعيد. وهو في "تاريخ دمشق" ٦٤/ ٣٢٢ (طبعة المجمع).