للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها أوغلَ عبد الرحمن بن خالد بن الوليد في بلادِ الروم، وشتَّى بها، وغزا بُسْرُ بن أبي أَرْطاةَ في البحر.

وفيها عزلَ معاويةُ عبدَ الله بنَ عامر عن البصرة.

ذكر القصة:

سبب ذلك؛ قال علماء السِّيَر: كان عبد الله بنُ عامر كريمًا ليِّنًا، سهلَ الأخلاق، لا يأخذُ على أيدي السفهاء، فطمعوا فيه، وفسدت البصرةُ.

قال عمر بن شَبَّةَ: فشكا عبد الله بنُ عامر إلى زياد بن أبيه ظهورَ الفسادِ، وطَمَعَ الزُّغَارِ، فقال له زياد: جَرِّد السيف، فقال: إني أكره أن أُصلحهم بفسادِ نفسي. وكان ابنُ عامر لا يُعاقِبُ أحدًا ولا يقطعُ لِصًّا، فقيل له في ذلك، فقال: كيف أنظر إلى رجل قطعتُ أباه وأخاه (١)؟.

قال عمر بن شَبَّة: فوفدَ عبدُ الله بن الكَوَّاءِ على معاوية، فسأَله عن البصرةِ، فقال: قد غلبَ عليها سفهاؤها، وضَعُفَ سلطانُها. فعزلَ ابنَ عامرٍ عنها.

وفي رواية عمر بن شَبَّة أيضًا قال (٢): لما ضَعُفَ ابنُ عامرٍ في عملِه، وانتشر الأَمرُ عليه بالبصرةِ، وبلغ معاويةَ، كتب إِليه يستزيرُه في هذه السنة، فاستخلف ابنُ عامرٍ على البصرة قيسَ بنَ الهيثم، وقَدِمَ على معاوية، فأقام عنده، ثم ردَّه إلى عمله، فلما ودَّعه قال له معاويةُ: إِني سائلُك ثلاثًا، فقُلْ: هي لك، فقال ابن عامر: هي لك وأنا ابنُ أُمِّ حكيم. قال: تردُّ عليَّ عملي ولا تغضب، قال: فعلتُ، قال: وتهبُ لي دُورَك [بمكة]. قال: قد فعلتُ، قال: وتهبُ لي مالك بعَرَفة، قال: قد فعلتُ، فقال معاويةُ: وَصَلَتْك رَحِم.

قال ابنُ عامر: وأنا أسألك ثلاثًا، فقُل: هي لك، فقال معاوية: هي لك وأنا ابنُ هند، فقال ابن عامر: تردُّ علي مالي بعَرَفةَ، قال: قد فعلتُ، قال: ولا تُحاسب لي عاملًا، ولا تتبع لي أَثرًا، قال: قد فعلتُ، قال: وتُنكحُني ابنتَك هندًا، قال: قد فعلتُ.


(١) تاريخ الطبري ٥/ ٢١٢.
(٢) تاريخ الطبري ٥/ ٢١٣، وما سيرد بين حاصرتين منه.