للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحرمة هذه الأشباح اغفر لي.

والسابع: أنه رأى على ساق العرش مكتوبًا، لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق. حكاه الثعلبي بإسناده إلى عليّ كرّم الله وجهه.

والثامن: سبحانك لا إله إلا أنت إني كنت من الظالمين، قاله وهب.

وروى ابن أبي الدُّنيا (١) بإسناده عن وهب بن منبه قال: أقام آدم على حاله زمانًا، فاطَّلع الله عليه فرآه حزينًا كئيبًا، فأوحى إليه: ما الذي بك؟ فقال: إلهي عظمَتْ مصيبتي، وأحاطت بي خطيئتي، وأخرجت من ملكوت السماء، فأصبحتُ في دار الهوان بعد الكرامة، والشقاء بعد السعادة، والنَّصَب بعد الخفض والدعة، والظَّعْن بعد القرار والطمأنينة، ودار الذلِّ بعد العزِّ. فقال الله: ألم أصطنِعْكَ لنفسي وأُحلَّك في دارَ كرامتي وأُسجدْ لك ملائكتي، ونفخت فيك من روحي، فعصيت أمري، وضيَّعت عهدي، وخالفت وصيَّتي، ولم تشكر نعمتي، وعزَّتي وجلالي لو ملأت الأرض رجالًا مثلك يسبِّحون الليل والنهار لا يفترون ثم عصوني لأنزلتهم منازل العاصين. وإني قد رحمتُ ضعفك وتضرُّعك، وأقلتك عثرتك، وقبلتُ توبتك، فغفرتُ زلَّتك. فألهمه الله أن قال: سبحانك إني كنت من الظالمين. قال وهب: فذلك قوله: ﴿فَتَابَ عَلَيهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ٣٧].

وذكر جدي ﵀ في كتاب "التبصرة" عن وهب بن منبه: أنه سجد على جبل الهند مئة عام يبكي حتى جرت دموعه في وادي سرنديب، فأنبت الله من دموعه الدّارصيني والقَرَنْفُل. وذكر بمعنى ما تقدَّم، ثم قال: فجاءه جبريل فقال: ارفعْ رأسك فقد غفر لك، فرفع رأسه وأتى الكعبة فطاف أسبوعًا فما أتمه حتى خاض في دموعه (٢).

ولما تاب عليه أمره بالمسير إلى مكّة فأتى إلى البيت فطاف به، وصلى عند المقام ركعتين. ومعنى عند المقام، أي: موضع المقام.

فإن قيل: فلم يكن هناك بيت، فالجواب: إنَّ أهل السِّير قد اختلفوا في بنائه:

فروى عكرمة عن ابن عباس: أنَّ الملائكة لما قال الله تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ


(١) الرقة والبكاء (٣٢٠).
(٢) "التبصرة" ١٦ - ١٧.