للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له أربعين ولدًا، في عشرين بطنًا، في كل بطن توأَمين، ذكر وأنثى (١).

واختلفوا في أول أولاده: فروى مجاهد عن ابن عباس قال: لما حملت حوَّاء في الدنيا جاءها إبليس فقال: أنا أخرجتكما من الجنَّة ولئن لم تطيعيني لأشوِّهن ولدك، فأجعل له قرنين يشقَّان بطنك، وأُخرجه من فيك ميتًا. فلم تلتفت إليه، فخرج الولد ميتًا. ثم حملت بآخر فجاءها فقال لها مثل ذلك، فلم تطعه، فخرج الثاني والثالث ميتًا. فقالت له: ما تريد؟ قال: سمِّه عبد الحارث، وكان إبليس يدعى الحارث، فسمَّته عبد الحارث (٢).

قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ وهي آدم ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ يعني حوَّاء ﴿لِيَسْكُنَ إِلَيهَا﴾ [الأعراف: ١٨٩] أي: ليأنس بها ويأوي إليها ﴿فَلَمَّا تَغَشَّاهَا﴾ أي: جامعها، كَنَى عن الجماع بالغشيان ﴿حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا﴾ أي: لم تكترث له ﴿فَمَرَّتْ بِهِ﴾ أي: استمرَّت، قامت وقعدت ﴿فَلَمَّا أَثْقَلَتْ﴾ أي: كبر الولد في بطنها ﴿دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا﴾ يعني آدم وحوَّاء ﴿لَئِنْ آتَيتَنَا صَالِحًا﴾ أي: خلقًا سويًا مثلنا ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٨٩] وإنما سألا الله هذا لأنَّ إبليس جاءهما فقال: يا حوَّاء، وما يدريك ما في بطنك، لعلَّه أن يكون بهيمة أو مشوَّه الخلق، فأخبرت آدم فحزن. ثم أتاها إبليس فقال: إن كان آدمِيًّا أتسمِّياه عبد الحارث؟ ولم تكن تعرفه، فقالت: نعم.

وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما حملت حوَّاء جاءها إبليس في صورة شيخ فقال لها: قد حملت، قالت: ومن أين علمت؟ قال: بلى، وما يدريك لعلَّ في بطنك كلب أو خنزير أو حيوان، وما يدريك من أين يخرج: من فيك، أو من أنفك، أو من عينك، أو من دبرك، أو يشقُّ بطنك فيقتلك، فأخبرت آدم فقال لها: لا يغرَّنَّك فإنه اللَّعين. فلم يزل يخدعها حتى سمَّته عبد الحارث (٣).


(١) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ١٤٥ عن ابن إسحاق، وانظر "المنتظم" ١/ ٢١٧.
(٢) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ١٤٨ - ١٩٤، وابن الجوزي في "المنتظم" ١/ ٢١٩. ولقد نص ابن كثير في "البداية والنهاية" ١/ ٩٦ على أنه من الإسرائيليات.
(٣) أخرجه الطبري في "تاريخه" ١/ ١٤٩ - ١٥٠، وابن الجوزي في "المنتظم" ١/ ٢١٩.