للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال أبو بكر بن عيَّاش: الذي أشار عليه أن لا يقطعها أبو جُهيم (١) بن مالك الأسدي.

وقال المدائني:] وخرجَ شُريح من عند زياد، فسأله مسروق بن الأجدع، والمسيَّب بن نَجَبة، وسُليمان بن صُرَد، وعُروة بن المغيرة، وخالد بن عُرفُطة، وأبو بُردَة بن أبي موسى، فقالوا: كيف تركتَ الأمير؟ قال: يأمرُ وينهى. ومعناه: يأمر بالوصية والكَفَن، وينهى عن النَّوْح والبكاء (٢).

وقال الشعبي لما احتُضر زياد؛ جعلوا يُمَنُّونه الأمانيّ، فقال: وكيف وأبو المغيرة على الطريق؟!

قال الشعبي: كان بالكوفة رجلٌ زاهد عابد، وَرعٌ مشغولٌ بنفسه؛ يقال له: أبو المغيرة الحميري؛ استدعاه زياد، فإذا سَمتٌ وهيبَة، فقال في نفسه، لو مال هذا لَمال معه أهلُ العصر، فقال له: الزَم بيتَك، لا تخرجْ منه. فقال: واللهِ لَصلاةٌ واحدةٌ في جماعة أَحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها، ولزيارةُ أخٍ في الله [وعيادة مريض] أَحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها. قال: فاخْرُجْ فصَلِّ، وعُدِ المريض، وزُرْ إخوتك، والزم شأْنَك. قال: وإذا رأيتُ منكرًا؛ لا أُغيِّرُه؟! قال: لا. قال: واللهِ لَمقامٌ واحدٌ في ذلك أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها. قال: فإنه السيف. قال: فالسيف. فقدَّمَه، فضربَ عُنُقَه. فكان يقال لزياد: أَبْشر، فيقول: كيف أُبْشِرُ وأبو المغيرة على الطريق (٣)؟!

قال الواقدي: مات زياد في شهر رمضان بقصر الإمارة بالكوفة، ولم يَمُت فيه من الأمراء غيرُه وغيرُ المغيرة بن شعبة، وذلك في سنة ثلاث وخمسين [من غير خلاف، يعني في هذه السنة]. وأوصى أن يُدفن بالثَّوِيَّة إلى جانب أبي موسى (٤). فدُفن إلى جانبه، وقبرُه عند دكَّان عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عند منقطع البيوت بالكوفة.


(١) في (م): أبو جهين، والمثبت من "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٠٧. والكلام بين حاصرتين من (م).
(٢) أنساب الأشراف ٤/ ٣٠٧ - ٣٠٨.
(٣) بنحوه في "تاريخ دمشق" ٦/ ٥٠٧ (مصورة دار البشير)، والمنتظم ٥/ ٢٦٣، وما سلف بين حاصرتين منهما.
(٤) في (ب) و (خ): أبي سفيان، وهو خطأ، والمثبت من "أنساب الأشراف" ٤/ ٣١١.