للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أميرِ المؤمنين. فدعا سعيدٌ بالكتابين اللذين كتبهما إليه معاوية، فوقف عليهما مروان، فخجل وقال: أنتَ خيرٌ مني. فقال له سعيد: إنَّما أرادَ أن يُوقعَ بينَنا (١). فقال مروان: أنت -واللهِ يا أبا عثمان، فِداك أبي وأمّي- خَيرُنا وأكْرَمُنا وأَبَرُّنا وأَوْصَلُنا. ثم كفَّ عن هدمِ دارِه وقبضِ أموالِه.

وكتب مروان إلى معاوية:

كتبتَ إليَّ تأمرُني بعَقٍّ … كما قبلي كتبتَ إلى سعيدِ

فلمَّا أنْ عصاكَ أرَدْتَ حَمْلي … على ملساءَ تزلقُ بالصعيدِ

لأَقطع واصلًا وأخا حِفاظٍ … فرأيُك ليس بالرأي السديدِ

فخجلَ معاوية (٢).

وكتبَ سعيد إلى معاوية: العجبُ لِما صنعَ أميرُ المؤمنين بنا في قرابتنا أن يُضْغِنَ (٣) بعضنا على بعض، وإيراثِ العداوة الأولادَ (٤)، فَارْعَ لنا حَقَّ القَرابة، وقيامَنا بنصرة الإمام المظلوم.

فكتب إليه معاوية يعتذر، وأنه قد رجَعَ عن ذلك.

ثم قدم سعيد على معاوية، فأكرمه ووصَلَه وقال: كيف تركتَ مروان أبا عبد الملك، فقال: ضابطًا لعمله (٥)، منفِّذًا لأمرك. فقال: إنه كصاحبِ الخُبْزَة؛ كُفِي نُضْجَها [فأكلها]. فقال سعيد: كلا، إنه لَمعَ قومٍ لا يُحمل بهم السَّوْط، ولا يَحِلُّ لهم السيف، يتهادَوْنَ كوَقْع النَّبْل (٦)؛ سهمٌ لك وسهمٌ عليك. قال: فما الذي باعدَ بينك


(١) في (ب) و (خ): يوقع مني بيننا (؟) والخبر ليس في (م).
(٢) ينظر "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٩٣ - ٢٩٥، و"تاريخ دمشق" ٧/ ٢٦٤ - ٢٦٥ (مصورة دار البشير، ترجمة سعيد بن العاص). و"المنتظم" ٥/ ٢٦٦ - ٢٦٧.
(٣) تحرفت في النسختين (ب) و (خ) إلى: يغضن. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٩٤، ولم يرد الكلام في (م).
(٤) في "تاريخ الطبري": أن يضغن بعضنا على بعض … وإدخاله القطيعة بيننا والشحناء وتوارث الأولاد ذلك.
(٥) تحرفت في النسختين (ب) و (خ) إلى: لعلمه. ووقع في "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٩٥: لعملك. وما سيرد بين حاصرتين منه.
(٦) في "البيان والتبيين" ٢/ ٨٤: يتهادَوْن فيما بينَهم كلامًا كوَقْع النَّبْل.