للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحُبْشيّ جَبَل بأسفل مكَّة، على ستَّة أميال منها (١).

[وروى ابن سعد عن ابن أبي مُليكة أيضًا قال: حملنا عبد الرحمن على رقابنا ستة أميال إلى مكة، وعائشة غائبة، فقَدِمَتْ بعد ذلك فقالت: أروني قبر أخي، فأرَوْها، فصلَّتْ عليه].

وروى ابن سعد قال: قدمَتْ أمُّ المؤمنين ذا طُوَى حين رفعُوا أيديَهم عن قبر عبد الرحمن، ففعلَتْ يومئذٍ وتركَتْ، فقالتْ لها امرأةٌ: وإنَّكِ لتفعلين مثلَ هذا؟! قالت: وما رأيتِني فعلت؟ إنه ليست لنا أكبادٌ كأكباد الإبل.

ثم أمرَتْ بفسطاط، فضُرب على قبره، ووكَّلُوا به إنسانًا. فقدم ابنُ عمر رضوان الله عليهما، فرأى الفُسطاط مضروبًا، فسألَ عنه، فحدَّثوه، فقال للرجل: انْزَعْهُ. فقال: إنهم وكَّلُوني به. فقال: انْزَعْهُ، وأخْبِرْهم أنَّ عبدَ الرحمن إنَّما يُظلُّه عملُه (٢).

ورَوى (٣) أنَّ عائشة رضوان الله عليها قالت: ما آسى من أمره إلا على خَصْلَتَين: أنه لم يُعالج، ولم يُدفن حيث مات. وكان مات فجأةً.

ودخلت امرأةٌ بيتَ عائشة رضوان الله عليها وهي صحيحة، فسجدَتْ، فماتَتْ، فقالت عائشة ﵂: إن في ذلك لَعبرةً لي في عبد الرحمن، [رَقَدَ] في مَرْقدٍ له. قال: فذهبوا يُوقظونه (٤)، فوجدوه ميِّتًا. وكان قد دخلَ في نَفْس عائشةَ ﵂ من موته تهمةُ أن (٥) يكون صُنع به شَرٌّ، أو عُجِل عليه (٦) فدُفن وهو حيّ، فذهبَ ما كان في نفسها من ذلك [ورأت موتَ المرأة عبرة.


(١) قوله: على ستة أميال، ليس في (م) لأن صاحبها أورد الخبر الآتي والمستدرك بين حاصرتين منها، ويتضمن هذه العبارة، والخبر في "طبقات" ابن سعد ٥/ ٢٢، وأخرجه أيضًا الترمذي في "السنن" (١٠٥٥). وبنحوه في "تاريخ دمشق" ٤١/ ٣٧.
(٢) طبقات ابن سعد ٥/ ٢٢، وتاريخ دمشق ٤١/ ٣٩ (طبعة مجمع دمشق).
(٣) يعني ابن سعد، وهو في "الطبقات" ٥/ ٢٣، و"تاريخ دمشق" ٤١/ ٣٦.
(٤) في "الطبقات" ٥/ ٢٣: رقد في مقيلٍ له قالهُ، فذهبوا يوقظونه. . .
(٥) في (ب) و (خ): أنه، والمثبت من (م) وهو الموافق لما في "الطبقات" ٥/ ٢٣.
(٦) في (ب): شرًّا وعُجل عليه. . . وفي (م): شرًّا أو عُجل عليه.