للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدركَ رسولَ الله ، وله عنه رواية، وكان أحدَ أجواد قريش.

وقال الشيخ موفَّق الدين (١): وُلد عام الهجرة. وقيل: سنة إحدى.

وقُتل أبوه العاص يومَ بدرٍ كافرًا، وكالت سعيد يظنُّ أن عمر بن الخطاب قتل أباه، فقال له عمر: ما لي أراك مُعرضًا كأنَّك ترى أني قتلتُ أباك؟! ما أنا قتلتُه، وإنما قتله عليُّ بنُ أبي طالب، ولو قتلتُه ما اعتذَرْتُ من قتل مشرك، ولكنّي قتلتُ خالي بيدي العاصَ بنَ هشام بن المغيرة المخزومي. فقال سعيد: يا أمير المؤمنين، ولو قتلتَه كنتَ على حقّ، وكان على باطل. فسَرَّ عُمرَ ذلك منه (٢).

ولم يزل سعيد بن العاص في ناحية عثمان رضوان الله عليه للقرابة التي بينهما، فلما عَزلَ عثمانُ الوليدَ بنَ عقبة عن الكوفة؛ استعملَ سعيدًا عليها، فعمل عليها خمس سنين إلا شهرًا (٣).

ولم يزل سعيد مع عثمان وقاتل معه يومَ الدار، وضربَه [يومئذٍ] رجل في رأسه [ضربة] مأمومة (٤).

ولَمَّا قُتل عثمان وخرج طلحة والزُّبير وعائشة من مكة يريدون البصرة؛ كان سعيد قد هربَ إلى مكة وخرجَ معهم إلى ذات عِرْق، فقام خطيبًا فقال: إنَّ عثمانَ عاشَ في الدنيا حميدًا، وخرج منها فقيدًا، وتوفِّي سعيدًا شهيدًا، فضاعف الله حسناتِه، وحطَّ سيِّئاتِه، ورفع درجاتِه ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ﴾ الآية.

وقد زعمتُم أيُّها الناس أنكم إنما خرجتُم تطلبُون بدم عثمان، فإن كنتُم تريدون ذلك، فإنَّ قَتَلَةَ عثمان على صدور هذه المَطِيِّ وأعجازها، فمِيلُوا عليها بأسيافكم، وإلَّا


(١) في "التبيين في أنساب القرشيين" ص ١٩٤.
(٢) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٥، وتاريخ دمشق ٧/ ٢٥٧ (مصورة دار البشير).
(٣) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٥.
(٤) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٨، وتاريخ دمشق ٧/ ٢٦١ (مصورة)، وما بين حاصرتين منهما. وقال راوي الخبر بإثره: فلقد رأيتُه وإنه ليسمع الرعد فيُغْشى عليه.