للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان عمرُو بنُ العاص حاضرًا، فقال له: يا سعيد، أتفخرُ على ابنِ حَرْب وتُراشِقه الكلام، وبهم عززتَ في الجاهلية والإسلام؟!.

فقال له سعيد: يا ابن العاص، إذا شحمَ العِيرُ نهقَ، ما لبني سهم ولبني عبد شمس؟! ولكنَّك كالذُّباب تقع على كل شيء. أنا واللهِ إلى ابنِ حرب أقربُ وأعزُّ عليه منك، وواللهِ إنه بك لَعالم.

فقال معاوية: صدق سعيد، سعيدٌ يميني، ومروانُ شمالي. فقال عمرو: واللهِ لقد شَهِدْناك وغابَ عنك، ونصرناك وخذلَك، وكان عليك وكنَّا معك، حتى إذا دَسَعَ الوطابُ (١) بزُبْدَتِه؛ وقُدْناها إليك مزمومة الخَيشوم؛ أقبلَ سعيد يتشدَّق!

فصاحَ به سعيد: أَلِي تقولُ هذا يا ابنَ النابغة؟! ثم قام مُغْضبًا، فقام معاوية فأصلحَ بينهما.

وكان سعيد: محبًّا لبني هاشم، محسنًا إليهم حليمًا وقورًا جوادًا مُمَدَّحًا، يحبُّ مكارم الأخلاق، وكان أحدَ أشراف قريش وفصائحها وأسدَها.

ولم يدخل مع معاوية في شيء من حروبه، وقدم عليه بعدَها، وكانت له دارٌ بدمشق تُعرف [بعده] بدار نعيم، وحمام يعرف بحمام نعيم بنواحي الدِّيماس، ثم رجع إلى المدينة (٢).

وأمره عثمانُ ﵁ بإملاء المصحف على زيد بن ثابت، ويقال: إنه كان يكتب وزيد يُملي عليه، فإنَّ عثمان قال: يكون الكاتبُ من قريش، والمُمْلي من الأنصار.

وضرب رجلًا على عاتقه بالسيف، فأخرج السيف من مِرْفَقِه (٣).

وغزا بالناس طبرستان، وكان معاويةُ يُعاقب بينه وبين مروان في عمل المدينة، وله يقول الفرزدق:


(١) دَسَعَ، أي: دفعَ، والوِطاب: زِقاق اللبن. ووقع في (ب) و (خ): للوطاب، والمثبت من "تاريخ دمشق" ٧/ ٢٥٥ - ٢٥٦ (مصورة دار البشير).
(٢) تاريخ دمشق ٧/ ٢٥٤، وما سلف بين حاصرتين منه.
(٣) في (ب) و (خ): رفقه، والمثبت من "تاريخ دمشق" ٧/ ٢٦٣.