للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا أَلِينُ لِغيرِ الحقِّ أَسْأَلُهُ (١) … حتى يلينَ لِضِرْسِ الماضِغِ الحَجَرُ

وكتب يزيد إلى عمرو بن سعيد: جَهِّزْ جيشًا لغزو ابنِ الزُّبير. وكان الحارثُ بنُ خالد المخزومي على الصلاة بمكة من قِبَلِ عمرو بن سعيد، فمنَعَه ابنُ الزُّبير، فكتبَ الحارثُ إلى عمرو: ابعث لي جيشًا أقاتل ابنَ الزبير.

وكان عمرو بن سعيد لما قَدِمَ المدينةَ ولَّى شُرَطَتَه عمرَو بنَ الزُّبير، لِما كان يعلمُ ما بينه وبين أخيه عبدِ الله من البغضاء، فضربَ عَمرُو بنُ الزُّبير كل من كان يَهْوَى هوى ابنِ الزبير، وكان مِمَّن ضربَ المنذرُ بنُ الزبير، وابنُه محمد بنُ المنذر، وعبدُ الرحمن بن الأسود بن عَبْد يغوث، وعُثمان بنُ عبد الله (٢) بن حكيم بن حِزام، وخُبيبُ بنُ عبد الله بن الزبير، ومحمدُ بنُ عمَّار بن ياسر، فضربَهم من أربعين إلى خمسين، وهربَ منه عبد الرحمن بن عثمان التميمي، وعبد الرحمن بن عمرو بن سهل في أناس إلى مكة.

فاستشار عَمرو بن سعيد [عمرَو] بنَ الزُّبير وقال: مَنْ نُوَجِّهُ إلى أخيك؟ فقال: ما توجِّهُ إليه رجلًا أَنْكَى له مني. فجهَّزه إليه في جمع كثير، وقدَّمَ في مقدِّمته أُنيس بن عَمرو الأسلمي في سبع مئة، فعسكر بالجُرْف.

فجاء مروانُ إلى عَمرو بن سعيد، فقال له: اتَّقِ اللهِ، ولا تَغْزُ مكَّة وتُحلَّ حُرْمَةَ البيت، ودَعُوا ابنَ الزُّبير، فقد أَسَنَّ، وله بضعٌ وستون سنةً، وهو رجلٌ لَجُوجٌ، واللهِ لئن لم تقتلوه لَيموتَنَّ. فقال عَمرو بنُ الزُّبير: واللهِ لنُقاتِلَنَّه ولنَغْزُوَنَه في جوف الكعبة على رغم أنف مَنْ زعم. فقال مروان: واللهِ إني لَيَسُوؤني ذلك.

وسار أُنيس بن عَمرو الأسلمي حتى نزل بذي طُوى، وسار عمرو بن الزبير حتى نزل بالأَبْطَح، وأرسلَ عَمرو إلى أخيه عبدِ الله: بُرَّ يمين الخليفة، وتعال أَجْعلْ في عنقك جامعةً من فضة، واتَّقِ اللهَ، ولا تَرْمِ بعض الناس ببعض، فأنتَ في بلدٍ حرام.

وقال عبد الله بن الزُّبير: موعدك المسجد. وأرسلَ عبدُ الله بنُ الزُّبير عبدَ الله بنَ


(١) وقع بدلَ الشطر الأول من البيت في (خ) (والكلام منها وحدها) لفظ: واللهِ لا أَلينُ لغير الحق. والمثبت من "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٤٤، وهو في "الأخبار الطوال" للدينوري ص ٢٦٢ بلفظ: ما إن ألينُ. . . وسيُعيده المصنف قريبًا مع بيت آخر، وينظر "تاريخ" الطبري ٥/ ٤٧٦.
(٢) في (خ): عبد الرحمن، والمثبت من "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٤٧، و"تاريخ" الطبري ٥/ ٣٤٤.