للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في الحوادث التي كانت في زمان إدريس -

قصَّة هاروت وماروت

وهما اسمان سريانيَّان لا ينصرفان للعُجمة والتعريف، وكانت قصتهما على ما ذكره ابن مسعود وابن عباس والمفسرون: أنَّ الملائكة رأت ما يصعد إلى السماء من أعمال بني آدم الخبيثة وذنوبهم الكثيرة، ودْلك في زمان إدرشى، فعيَّروهم بذلك، ودعوا عليهم وقالوا: يا ربنا هؤلاء الذين اخترتهم وجعلتهم في الأرض خلفاء وهم يعصونك، فقال الله تعالى: لو أنزلتكم إلى الأرض وركَّبت فيكم ما ركَّبت فيهم لارتكبتم ما ارتكبوا. فقالوا: سبحانك ما كان لنا -أو ما ينبغي لنا- أن نعصيك. فقال لهم الله تعالى: فاختاروا ملكين من خياركم أُهبطهما إلى الأرض، فاختاروا هاروت وماروت، وكانا من أصلح الملائكة وأعبدهم.

وقال الكلبي: قال الله: اختاروا ثلاثة، فاختاروا عزائيل، ووعزا وهو هاروت، وعزايا وهو ماروت، وإنما غُيِّر اسمهما لمَّا قارفا الذنب-[كما غُيِّر] (١) اسم إبليس وكان اسمه عزازيل- قال: فركّب فيهم الشهوة وأمرهم أن يحكموا بين الناس بالحق، ونهاهم عن القتل والزنا، والشرك وشرب الخمر.

فأمَّا عزائيل فإنه لما وقعت الشهوة في قلبه استقال، وسأل الله أن يرفعه إلى السماء، فأقاله ورفعه، وسجد أربعين سنة لم يرفع رألممه إلى السماء حياءً من الله تعالى. وقيل: إنه بقي على حاله.

وأمَّا الآخران فإنهما ثبتا على ذلك، وكانا يقضيان بين الناس يومهما، فإذا أمسيا ذكرا اسم الله الأعظم، فصعدا إلى السماء.

قال قتادة: فما مرَّ عليهما شهر حتى افتتنا.

قالوا جميعًا: وذلك أنه اختصم إليهما ذات يوم الزهرة، وكانت من أجمل النساء، قال علي كرَّم الله وجهه: كانت من أهل فارس، وكانت ملكة في بلدها، فلمّا رأياها


(١) في الأصول الخطية: "فركب"، وما أثبتناه من "عرائس المجالس".