للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

افتخر يومًا معاوية فقال: إن الله فضَّل قريشًا بثلاث، فقال لنبيِّه ﷺ: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: ٢١٤]، ونحن عشيرتُه، وقال: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف: ٤٤]، ونحن قومُه، وقال: ﴿لإِيلَافِ قُرَيشٍ﴾ ونحن قريش.

فقام فتى من الأنصار، دقال: على رِسْلك يا معاوية، فإنَّ الله يقول: ﴿وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ﴾ [الأنعام: ٦٦]، وأنتم قومُه. وقال: ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ﴾ [الزخرف: ٥٧]، وأنتم قومُه، ﴿وَقَال الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان: ٣٠] وأنتم قومُه. فهذه ثلاث بثلاث. فأفحمه (١).

ذكر بعض الوافدين عليه:

وَفَدَ عليه الأحنف بن قيس، ومحمد بنُ الأشعث الكِنْدي، فأذِنَ للأحنف أولًا، ثم أذن لمحمد، فهرولَ محمد فدخل أولًا، فشقَّ ذلك على معاوية وغضب وقال: يا ابنَ الأشعث، كيف (٢) تقدَّمتَ أبا بَحْر (٣) ولم آذَنْ لك قبلَه؟ وإنَّا كما نلي أمورَكم؛ فكذا نلي أدبكم. وواللهِ ما يزيدُ متزيِّد في حظِّه (٤) إلا لنقصٍ يجدُه في نفسه، فإيَّاك إياك. ووصلَ الأحنفَ، وحرمَ ابنَ الأشعث (٥).

الحسن بن علي ﵇ -

وفد عليه مرارًا.

قال معاوية يومًا والحسن ﵁[عنده]: مَنْ أكرمُ الناسِ أبًا وأمَّا، وجَدًّا وجدَّةً، وعمًّا وعمَّة، وخالًا وخالةً؟ فقال له عبد الله بن العجلاني (٦): هذا القاعد. وأشار إلى الحسن. فقال معاوية: صدقتَ.


(١) العقد الفريد ٤/ ٢٧.
(٢) في (ب) و (خ): فقال كيف (؟).
(٣) هي كنية الأحنف بن قيس.
(٤) في (ب): خطه. وفي "العقد الفريد" ١/ ٦٨: خطوه.
(٥) الخبر بنحوه في "أنساب الأشراف" ٤/ ٥٧ من رواية المدائني، وفيه بدل قوله: ووصل الأحنفَ … : فقال محمد: إنَّا لم نأتك لتقضيَ مكاننا منك، وإن نعدم الأدب فنحتاج إلى تأديبك، فخُذْ منّا عفوَنا تستوجب مودّتنا، وإنّا عنك لفي غنًى وسَعَة. ثم خرج. والخبر بنحوه أيضًا في "تاريخ الطبري" ٥/ ٣٣٢ - ٣٣٣.
(٦) في "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٨: عجلان، وسلف الخبر ص ٧٤ (أول هذه الفقرة).