للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امتنعَ واستعفى منه، فقال له ابنُ زياد: واللهِ لئن لم تَسِرْ إليه لأعزلنَّك، وأهدمنَّ دارَك، ولأضربنَّ عنقك. فقال: إذًا أفعل (١).

وجاءتْه بنو زُهرة وقالوا: ننشدك ألله أن يبقي فعلك بالحسين عداوة بيننا وبين بني هاشم (٢).

وجاءه ابنُ أخته حمزة بن المغيرة بن شعبة فقال له: أَنشدُك الله يا خال أن تقطع رحمك وتعصيَ ربَّك، فواللهِ لأَنْ تخرجَ من دنياك ومالِك وسلطان الأرض كلّها خير لك (٣) من أن تلقى اللهَ بدم الحسين. فقال له عمر: فإني لا أفعلُ ذلك، ولا أُقاتلُه.

وعاد إلى ابنِ زياد، فاستعفاه، فلم يُعْفِه، فسار إلى قتال الحسين في أربعة آلاف.

وقد أخبرَ عليٌّ بهذا، فإنه لقيَ عُمرَ بنَ سعد في بعض الأيام، فقال له: ويحك يا عُمر! كيف بك وقد قمتَ مقامًا تخيَّر فيه بين الجنة والنار، فتختار النار (٤)؟!

ولما نزل عُمر بن سعد نِينَوَى؛ استحيى أن يجتمع بالحسين ، فعرض على الرؤساء أن يذهبوا إليه ويسألوه: في أيّ شيء قَدِمَ؟ فكلُّهم أبي ذلك؛ لأنهم كاتبوا الحسين . فقال كثير بن عبد الله الشعبي -وكان فاتكًا-: أنا أذهب إليه، وإنْ شئت قتلتُه (٥). فقال عمر: ما أُريدُ قَتْلَه، وإنما أُريدُ سؤاله.

فمضى إليه، فلم يُمكِّنوه من الوصول إليه خوفًا منه. فعاد إلى عمر.

فبعثَ قرَّة بن قيس (٦) الحنظلي، فجاء وسلَّم على الحسين ، وأبلغه الرسالة التي من عمر، فقال: إنَّما جئتُ لأنه كتب إليَّ أهلُ مِصْرِكم بكذا وكذا. فأمَّا إذْ كرهوني؛ انصرفتُ عنهم.


(١) طبقات ابن سعد ٦/ ٤٣٥.
(٢) المصدر السابق.
(٣) في (ب) و (خ): لئن تخرج من دنياك ومالك وسلطان الأرض كلها لكان خيرًا لك .. والمثبت من "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٠٩، و "الكامل" ٤/ ٥٣، وينظر "أنساب الأشراف" ٢/ ٤٧٨.
(٤) تاريخ دمشق ٥٤/ ٣٨ (طبعة مجمع دمشق- ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص).
(٥) لفظ العبارة في (ب) و (خ): وكان فاتكًا إذا ذهبَ إليه بسبب قتلته (؟) وأثبتُّ ما يناسب السياق من "تاريخ الطبري" ٥/ ٤١٠.
(٦) تحرف في (ب) و (خ) إلى: فترة بن سعد. والكلام في "تاريخ الطبري" ٥/ ٤١٠ - ٤١١، وبنحوه في "أنساب الأشراف" ٢/ ٤٧٨.