للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطَفِّ العراق (١). قال: فقال لي جبريل: هل لك أن أُشِمَّك من تربته؟ قلت: نعم. فقبض جبريلُ قبضة من تراب، وأعطانيها، فلم أملك عينيَّ أنْ فاضَتا".

وقال الحسن بن كثير: لما سار أمير المؤمنين إلى صفِّين مرَّ بكربلاء، فوقف يبكي ويقول: بأبي أُغَيلِمةٌ يُقتلون ها هنا. هذا مُناخ ركابهم، هذا موضع رحالهم، هذا مصرع الرجل. وجعل ينتحبُ ويبكي (٢).

ذكر القتال والقتل:

كان على رُبْع أهل الكوفة (٣) عبد الله بن زهير بن سُلَيم الأزدي، وعلى رُبْع ربيعة وكِنْدة قيس بن الأشعث الكِنْدي، وعلى رُبْع مَذْحِج وأسد عبدُ الرحمن بن أبي سَبْرة (٤) الجعفيّ، وعلى رُبْع تميم وهَمْدان الحُرّ بن يزيد الرياحي، ثم اليربوعي، فشهد هؤلاء كلُّهم قتل الحسين ﵁، إلا الحُرَّ بن يزيد ﵀، فإنه مال إلى عسكر الحسين ﵁، وقاتل بين يديه حتى قُتل. وكان الأمير على الكلّ عمر بن سعد، وكانوا ثمانية آلاف.

ولما خيَّرهم الحسين ﵁ أقبلَ الحُرّ بن يزيد على عُمر بن سعد، فقال له: أمقاتلٌ أنت هذا الرجل؟ قال: نعم. قال: أما لكم في واحدة من هذه الخصال التي عرَضَ رِضىً؟! قال عُمر بن سعد: لو كان الأمرُ إليَّ لفعلتُ. فقال الحُرّ: سبحان الله، ما أعظم هذا! يعرضُ ابنُ رسولِ الله ﷺ عليكم ما يعرض فتأبَوْنه! ثم مال إلى الحسين ﵁، فقاتل معه حتى قُتل. وفيه يقول الشاعر (٥) المتوكل الليثي:

لَنِعْمَ الحُرُّ حُرُّ بني رياحٍ … وحرٌّ عند مختلف الرِّماحِ


(١) في "المسند" (٦٤٨): بشطّ الفرات.
(٢) لم أقف عليه. وأخرج ابن سعد ٦/ ٤١٩ نحوه من طريق آخر.
(٣) في "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٢٢، و"الكامل" ٤/ ٦٠: المدينة.
(٤) في (ب) و (خ): عبد الله بن سبرة، والمثبت من المصدرين السابقين، والكلام ليس في (م).
(٥) في (ب) و (خ): الساري (؟). والمثبت من "طبقات" ابن سعد ٦/ ٤٣٨. وورد البيت الأول في "أنساب الأشراف" ٢/ ٤٨٩ دون نسبة.