للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشيعته. فقام إليه عبد الله بنُ عفيف الأزدي الغامديّ -وكان من شيعةِ أمير المؤمنين عليّ رضوان الله عليه، وذهبت عينُه اليسرى يومَ الجمل، وضُرب يومَ صفِّين على رأسه، فذهبت عينُه الأخرى، وكان لا يفارق المسجد، يصلي فيه إلى الليل، ثم يمضي إلى بيته- فصاح: يا ابن زياد، يا ابن مرجانة، إنَّ الكذاب ابنَ الكذاب أنت وأبوك، والذي ولَّاك وأبوه، يا ابن مَرجانة، أتقتلون أولاد النبيين، وتتكلَّمون بكلام الصدِّيقين؟! فقال ابن زياد: عليَّ به. فوثبَتْ عليه الجلاوزة، فأخذوه، فنادى بشعار الأزد: يا مبرور. فثارت الأزد، فاستنقذوه، وأتَوْا به أهلَه. فأرسل إليه من أتاه به، فقتله، وصلَبَه في المسجد (١).

ثم إنَّ عُبيد الله نصبَ رأس الحسين ورؤوسَ أصحابه بالكوفة (٢).

وقالت مَرجانة لابنها عُبيد الله: يا خبيث، قتلتَ ابنَ رسولِ الله والله لا رأيتَ الجنةَ (٣) أبدًا.

وأقبل عُمر بن سعد، فدخل الكوفةَ وهو يقول: ما رجعَ أحدٌ بمثلِ ما رجَعتُ إلى أهلي، أطعمتُ الفاسق الفاجر الدعيّ، وعصيتُ الحاكم العَدْل، وقطعتُ القرابةَ القريبة الشريفة (٤).

وهجره الناس، وكان كلَّما مرَّ على ملأ من الناس، لعنوه في وجهه، وإذا دخل المسجد؛ خرج الناسُ منه (٥).

وقال سليمان بن مسلم: أوَّلُ مَنْ طَعَنَ سُرادقَ الحسين عُمر بن سعد، فلقد رأيتُه هو وابنيه ضُربت أعناقُهم، ثم عُلِّقوا ضلى الخشب، وأُلهبت فيهم النيران (٦).

وقال عُبيد الله بنُ زياد لعمر بن سعد بعد قتل الحسين : أين الكتاب الذي كتبتُ إليك في قتل الحسين؟ قال: أمضيت أمرك فيه، وضاع الكتاب. فقال ابن زياد: واللهِ


(١) في "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٥٩ (والكلام فيه): في السَّبْخة. وما سلف بين حاصرتين منه.
(٢) المصدر السابق.
(٣) في (ب) و (خ): وجه الله، بدل: الجنة. والمثبت من "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٥٣، و"تاريخ دمشق" ٤٤/ ٢٣٢.
(٤) بنحوه في "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٤٦، و"أنساب الأشراف" ٢/ ٥٠٧.
(٥) بنحوه في "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٥٣.
(٦) المصدر السابق ٦/ ٤٥٤.