للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال صفوان بن سليمان: لقيَ الشيطانُ ابن حنظلة، فقال له: احفظ عنّي شيئًا أعلِّمُك إيَّاه، فقال: لا حاجة لي فيه. قال: فاسْمَعْ، فإن كان خيرًا قبلتَ، وإن كان شرًّا رددت. يا ابنَ حنظلة، لا تسألنَّ أحدًا غير الله، وانظر كيف تكونُ عند الغضب (١).

وقال إبراهيم بن عبد الرحمن (٢) بن عبد الله بن أبي ربيعة: لما نزلَ مسلم بنُ عقبة وادي القرى خطب عبد الله بنُ حنظلة، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيُّها الناس، إنَّما خرجتُم غضبًا لله ولدينكم، فأَبْلُوا لله بلاءً حسنًا ليوجبَ لكم به المغفرة، ويُحِلَّكمُ به رضوانه. فقد نزل القوم وادي القرى ومعهم مروان بنُ الحكم، واللهُ -إنْ شاء- مُحِينُهُ (٣) بنقضِه العهدَ والميثاقَ عند منبرِ رسول الله .

فتصايحَ الناس، وجعلوا ينالون من مروان ويقولون: الوَزَغُ ابنُ الوَزَغ (٤). وعبدُ الله يُهدِّئهم ويقول: إن الشَّتْم ليس بشيء، ولكن اصدُقُوهم اللقاء، واللهِ ما صدقَ قومٌ إلا نُصروا. ثم دعا ونزل.

وصبَّح القومُ المدينةَ، وقاتلوها أيامًا، ودُخلت من نواحيها، فلبس عبدُ الله درعين، وقاتل قتالًا شديدًا.

وحانت صلاة الظهر فقال لغلامه: احْمِ ظهري حتى أُصلِّي. فلمَّا فرغَ من صلاته قال له غلامه: انهزمَ الناس، وقد بقيَ معنا خمسة أنفس، فقال: ويحك، إنَّما خرجْنا لنموت. فنزعَ الدِّرع، وتقلَّدَ السيف، وصاح في الناس، وأهلُ المدينة كالنَّعام الجافل، وأهلُ الشام يقتلُونهم في كل وجه.

فحمل عبدُ الله عليهم وقاتل، فضربَه رجلٌ من أهل الشام بالسيف، فقطعَ منكبه ووقع ميتًا.


(١) المصدر السابق.
(٢) في (ب) و (خ): عبد الكريم. والمثبت من "طبقات" ابن سعد ٧/ ٦٩، و"تاريخ دمشق" ص ٢١٢ طبعة المجمع المذكورة.
(٣) أي: مُهْلِكُه. وتحرفت العبارة في (ب) و (خ) إلى: والله إني سامحته.
(٤) الوَزَغ: الفاسد المريض الضعيف.