للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بشر بن مروان يرتجز وبيده الراية ويقول:

إنَّ على الرئيس حقًّا حقَّا … أن يخضب الصَّعْدَةَ أو تندقَّا (١)

واختلفوا هل شهد الوقعة زُفر بن الحارث الكلابي أم لا؟ ولحق زُفر بقرقيسيا [فلما انتهى إليها وعليها عِياض بن أسلم الجُرَشيّ -وكان يزيد بن معاوية ولّاه قرقيسيا- فحال عياض بين زُفر وبين دخول قرقيسيا] فقال زُفر: أحلفُ لك بالطلاق والعِتاق إذا دخلتُ حمَّامها خرجتُ منها. فأذنَ له في دخولها، فدخلَها ولم يدخل حمَّامها، وأخرجَ عِياضًا منها، وتحصَّن زُفر بها، وثابَتْ إليه قيس.

وخرج ناتل الجُذامي من فلسطين هاربًا إلى ابن الزبير بمكة، وأجمع الناس على مروان، واستوسق له الشام، فولَّى عليه عمَّاله (٢).

وقال أبو مِخْنَف: شهد زُفر بن الحارث يومَ المرج، فلما انهزم الناس؛ انهزم معه شابَّان من بني سُليم، وجاءت خيلُ مروان في طلبهم، فقالا له: انجُ بنفسك، فنحن مقتولان، فهرب زُفر وتركهما، حتى أتى قرقيسيا، فاجتمعت إليه قيس فرأسوه عليهم، فقال:

أريني سلاحي لا أبا لك إنني … أرى الحربَ لا تزدادُ إلا تماديا

أتانيَ عن مروان بالغيب أنه … مُقِيدٌ دمي أو قاطعٌ من لسانيا

ففي العِيس مَنْجَاةٌ وفي الأرض مَهْرَبٌ … إذا نحن رفَعنا لهنَّ المثانيا

فلا تحسبوا أني (٣) تَغَيَّبْتُ غافلا … ولا تفرحوا إنْ جئتُكم بلقائيا

فقد يَنبُتُ المَرعَى على دِمَن الثرى … وتبقى حزازاتُ النُّفوسِ كما هيا

أتَذْهَبُ كلبٌ لم تَنَلْها رماحُنا … وتُتْرك قتلى راهطٍ هي ما هيا

لعمري لقد أبْقَتْ وقيعة راهطٍ … لحسان (٤) صَدْعًا بَيِّنًا متنائيا

أَبَعْدَ ابنِ عمرٍو وابنِ مَعْنٍ تتابَعا (٥) … ومَقْتَلِ همَّامٍ أُمَنَّى الأمانيا


(١) تاريخ الطبري ٥/ ٥٣٩، وبنحوه في "أنساب الأشراف" ٥/ ٣٠٥. والصَّعْدَة: القناة المستوية.
(٢) تاريخ الطبري ٥/ ٥٣٩ - ٥٤٠ وما سلف بين حاصرتين منه، وينظر "أنساب الأشراف" ٥/ ٣٠٧.
(٣) في المصدرين السابقين: فلا تحسبوني إنْ.
(٤) في "الأغاني" ١٩/ ١٩٦: لمروان.
(٥) في "الأغاني": أبعد ابن صقر وابن عمرو تتابعا.