للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسُراقةُ هذا هو الذي أغرى بين الأخطل وجرير حتَّى تهاجيا.

وكانت وقعة جَبَّانة السَّبيع يوم الأربعاء لستّ ليال بقين من ذي الحجة سنة ستّ وستين، وانجلت الوقعة عن سبع مئة وثمانين قتيلًا من القبائل (١).

وتجرَّدَ المختار لقَتَلَةِ الحسين وقال: إنْ تركتُ منهم أحدًا يمشي على وجه الأرض فأنا الكذَّاب كما سَمَّوْني. اطلُبوا لي قَتَلَةَ الحسين، فإنِّي (٢) لا يطيبُ لي طعامٌ ولا أُسِيغُ (٣) الشَّرابَ حتَّى أُطَهِّرَ الأرضَ منهم، ولا أُبقي في المصر أحدًا. فدُلَّ على جماعة، منهم عبد الله بنُ أسيد بن النَّزَّال الجُهنيّ، ومالك بن نُسير (٤) البَدِّيّ، وحَمَلُ بنُ مالك المحاربيّ، وكانوا بالقادسية، فأُخذوا، فأُدْخِلُوا على المختار، فقال لهم: يَا أعداء الله وأعداءَ كتابه ورسوله وآل بيته، قتلتُم من أُمِرتُم بالصلاة عليه في الصلاة! فقالوا: بُعثنا ونحن كارهون، فامنُنْ علينا. فقال المختار للبَدِّيّ: أنتَ صاحبُ بُرْنُسِهِ؟ فقال عبد الله بن كامل: نعم، هو هو. فقال: اقطعوا يديه ورجليه. ففعلوا، فقال: دعُوه فليضطرب حتَّى يموت. فتُرك، فنزفَ الدمُ حتَّى مات، وقَتَلَ الآخَرَ [ين]، وقتلَ خلقًا كثيرًا ممَّن قاتلَ الحسين وشهدَ قتلَه (٥).

وبعثَ أَبا عَمْرَة صاحب حَرَسِه، فأحاطَ بدار خوليّ بن يزيد الأصبحي -وهو الذي حملَ رأس الحسين إلى ابن زياد- فاختبأ في مخرجه، فقال أبو عَمرة لامرأة خولي: أين زوجك؟ فقالت: لا أدري. وأشارَتْ بيدها إلى المخرج، فدخلوا عليه، وإذا به قد وضع على رأسه قَوْصَرَّة (٦)، فأخرجوه، وأتَوْا به المختار، فقتلَه إلى جانب مَنْ قَتَلَ من أهله، وحرَّقه، وكانت امرأتُه من حضر موت يقال لها: العَيُوف بنت مالك بن نهار بن عقرب، وكانت نصبت له العداوة حين جاء برأس الحسين (٧).


(١) تاريخ الطبري ٦/ ٥٦ - ٥٧.
(٢) في (ص): فإنه.
(٣) في (ص): ولا يشبع لي (ولعلها يسيغ). وفي "تاريخ الطبري" ٦/ ٥٧: يسوغ.
(٤) في (أ) و (ص): بشير.
(٥) تاريخ الطبري ٦/ ٥٧ - ٥٩. وما بين حاصرتين مستفاد منه. وينظر "أنساب الأشراف"٦/ ٦٧.
(٦) هو وعاء للتمر من قصب.
(٧) تاريخ الطبري ٦/ ٥٩ - ٦٠. وينظر "أنساب الأشراف" ٦/ ٦٥.