للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَا وربِّ المُرْسَلاتِ عُرْفا … لَنَقتُلَنَّ بعدُ صفًّا (١) صفَّا

وبعدَ أَلْفٍ قاسطين ألفا

ثم أوصى ابنَ الأشتر فقال: إذا لقيتَ عدوَّك فَنَاجِزْهم ساعةَ تَلْقاهُم، وإنْ لقيتَهم ليلًا أو نهارًا؛ فناجزهم حتى يحكم الله بينك وبينهم.

ثم عاد إلى الكوفة، وباتَ ابنُ الأشتر بحمَّام أعين، ومنه سار في جيشٍ كثيف (٢).

حديث الكرسي الذي كان يستنصر به المختار:

واختلفوا فيه؛ فقال قوم: إن هذا الكرسيَّ كان لرجل زيَّات من أهل الكوفة، فقال الطُّفيل بن جَعْدة بن هُبيرة: احتجتُ إلى شيء من الورق [لكي أنتفع به] وكان الزيَّات جارًا لي وقد علاه الوسخ عنده، فخطر ببالي لو كان للمختار في هذا شيء. فقلتُ للزيَّات: أرْسِلْ إليَّ بالكرسي. فأرسَلَه (٣) إليّ، فأتيتُ المختار، فقلت له: ها هنا كرسي فيه أثارَةٌ من علم؛ كان يجلسُ عليه جَعْدة بنُ هبيرة (٤).

وقال أبو اليقظان: إنَّ الطفيل قال للمختار: إنَّ هذا الكرسيّ كان لأمير المُؤْمنين عليّ. فقال: عليَّ به. فحُمل إليه، فأمر للطُّفيل باثني عشر ألفًا. ثم دخل المختارُ المسجد، وصَعِدَ المنبر واجتمع النَّاس، وقد غشَّى الكرسيَّ بالديباج، فقال: أيُّها النَّاس، إنه لم يكن في الأمم الخالية أمرٌ إلَّا وكان في هذه الأمة مثلُه، وقد كان في بني إسرائيل التابوت، فيه بقيَّةٌ مما ترك آلُ موسى وآلُ هارون، وإنَّ هذا فينا مثلُ التابوت، اكشفوا عنه، [فكشفوا عنه] أثوابَه، وقامت السَّبئيَّة، فرفعوا أيديَهم وكبَّروا ثلاثًا، وقام شَبَث بن رِبعي، فقال: يَا معشر مضر، لا تكفروا بالله العظيم. فضربوه وأخرجوه (٥).

وروى هشام عن أبي مِخْنَف أنَّ المختار قال لآل جَعْدة بن هُبيرة بن أبي وَهْب المخزومي -وكانت أمُّ جَعْدة بن (٦) هُبيرة أمَّ هانئ بنت أبي طالب-: ائتوني بكرسيّ


(١) في "أنساب الأشراف" ٦/ ٧٧، و"تاريخ" الطبري ٦/ ٨١: بعد صفّ.
(٢) تاريخ الطبري ٦/ ٨١ - ٨٢.
(٣) في (ص): فأرسل به.
(٤) تاريخ الطبري ٦/ ٨٢ - ٨٣.
(٥) ينظر "تاريخ" الطبري ٦/ ٨٣.
(٦) في (ب) و (خ): بنت. وهو خطأ.