للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُصَوِّروا القُبَّةَ قبل بنائها، فصوَّرُوها له في صحن المسجد، فأعجبَه، وبنى للمال بيتًا شرقيَّ القُبَّة، وشَحنَهُ بالمال، وأمرَ رجاءَ ويزيدَ أنْ يُفْرِغا المال إفراغًا، ولا يتوَقَّفا في شيء، فتمَّ البناء على القُبَّة التي هي قائمة اليوم (١)، إلا أنَّه بنى من ناحية القبلة سبعة (٢) محاريب، عليها سبع قِباب، والقبَّةُ الباقية التي هي اليوم على المحراب هي أوسطُها.

ولما تمَّ بناءُ القُبَّة عملَ لها جِلالين (٣)؛ أحدهما من اللُّبُود (٤) الحُمْر للشتاء، والآخر من أَدَم (٥) للصيف، وحَفُّوا الصخرةَ بدرابزين (٦) من الساج (٧) المطعَّم باليَشْم (٨)، وخلف الدرابزين ستورٌ من الدِّيباج مُرْخاة بين العُمُد.

وكان السَّدَنةُ كلَّ اثنين وخمسين يُذيبون (٩) المِسْك والعنبر والماوَرْد والزَّعْفران، فيعملون منه غاليةً (١٠) بماء الورد الجُوريّ ويخَمَّر من الليل، ثم يدخلُ الخدمُ صُبْحةَ كلِّ يوم من هذين اليومين الحمَّام، فيغتسلون ويتطهَّرون، ثم يدخلون الخزانةَ التي فيها الخَلُوق، فيخلعون ثيابهم، ويلبسون ثياب الوَشْي (١١)، ويشدُّون أوساطَهم بالمناطق المحلَّاة بالذهب، ويُخَلِّقُون الصخرة (١٢)، ثم يوضع البَخُور في مجامر الذهب والفضة، وفيها [العُود] القَمَاريُّ المَطْليُّ بالمسك (١٣): وتُرخي السَّدَنَةُ السُّتُور،


(١) في (م): فتَّم البناء على هذه الهيئة التي هي عليها اليوم.
(٢) في النسخ الخطية: سبع. وأثبتُ اللفظة على الجادَّة.
(٣) أي: غِطاءَين.
(٤) جمع لِبْد، وهو ضربٌ من البُسُط.
(٥) جمع أديم، أي: جلد.
(٦) هي عبارة عن قوائم مصفوفة من الخشب أو الحديد تُحاط بها السلالم أو السطوح وغيرها. وهي معرَّبة. وتستخدم كثيرًا. ينظر "معجم الألفاظ المعربة" ص ٦١.
(٧) يعني خشب الساج، وهو ضرب من الشجر كبير.
(٨) نوع من الأحجار الكريمة شبيهة بالعقيق. ينظر "المعجم الذهبي " ص ٦٢١.
(٩) المثبت من (م). وفي النسخ الأخرى: يذيفون (؟). وفي "البداية والنهاية" ١٢/ ٤٢: يُذوِّبون.
(١٠) اسم للطِّيب المصنوع مما ذكر.
(١١) أي: الثياب المنقُوشة والمُنَمْنَمة.
(١٢) أي: يطيِّبُونها بالخَلُوق. وهو الطِّيب.
(١٣) بعدها في (م) ما صورتُه "والقَماري مكان بالهند يُجلب منه العود الخاص". اهـ. وذكر الفيروزآبادي في "القاموس" (قمر) أن قَمَار موضع منه العُود القَمَاريّ.