للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يمشي كلَّ سبت إلى قُباء ونعلاه في يديه.

[قال الزُّهري: كان يتَّبع السُّنَّة، كأنَّ النبيَّ ﷺ يفعل ذلك.

قال:] وما كان يوقظ أحدًا من مرقده (١).

وقال إسماعيل السُّدِّيّ: أدركتُ نفرًا من الصحابة؛ منهم أبو سعيد الخُدْري، وأبو هريرة، وجابر (٢)، وغيرهم، فكانوا يرون أن ليس فيهم أحدٌ على الحال التي فارق عليها النبي ﷺ إلا عبد الله بن عمر.

وقالت عائشة ﵂ -لابن عمر ﵄: ما منَعك أن تنهاني عن مسيري إلى البصرة؟ قال: رأيتُ ابنَ الزبير قد استولى عليك، فقالت: لو نهيتَني ما خرجتُ.

وكانت عائشة ﵂ تحبُّه وتعظِّمه، وإذا دخل المسجد تقول: أرُونيه. فلا تزال تنظر إليه حتى يذهب (٣).

[قال الواقدي:] وكان ابن عمر ﵄ قد أصابته في آخر عمره لقوة فاكتوى (٤)، وذهب بصره ممَّا (٥) كان يغسل باطن عينيه (٦).

[وكذا ابنُ عباس.


(١) ينظر ما سلف في المصدر السابق ٤/ ١٥١ - ١٥٣. وما بين حاصرتين من (ص) و (م)، ونسبت الأقوال فيهما إلى ابن سعد.
(٢) في تاريخ دمشق ٣٧/ ٣٤: وابن عمر، بدل: وجابر. وهو الأشبه بسياق الكلام.
(٣) تاريخ دمشق ٣٧/ ٣٣.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) في (ص): هما. وينظر التعليق التالي.
(٦) اختلف نقل هذه المسألة عن ابن عمر ﵄، فذكر الشيرازي في "المهذّب" أنه ﵁ كان يغسلُ عينيه حتى عميَ. وذكره ابن القيِّم في "زاد المعاد" ١/ ٤٧ بلفظ: حتى عميَ من ذلك. وشَرَحَ النووي في "المجموع" ١/ ٤١٣ قول الشيرازي فقال: قوله: "حتى عميَ، يحتمل أن يكون عماه بسبب غسل العين، كما هو السابق إلى الفهم، وكما يدلّ عليه كلام أصحابنا، ويحتملُ كونُه بسبب آخر، ويكون معناه: ما زال يغسلهما حتى حصل له سببٌ عَمِيَ به، فتركَ بعد ذلك غَسْلَهما". اهـ. وذكر النووي أيضًا أن هذا الخبر رواه مالك وغيره بلفظ: يغسلُ وجهَه، وينضحُ في عينيه. قال: وليس في رواياتهم: حتى عميَ. اهـ. غير أن ابن العربي ذكر عنه خلاف ذلك في "أحكام القرآن" ٢/ ٥٦١ - ونقله عنه القرطبي في "تفسيره" ٧/ ٣٣٠ - فقال: "كان ابن عمر لمَّا عميَ يغسلُ عينيه؛ إذ كان لا يتأذَّى بذلك". والله أعلم.