للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: قال أبو اليمان، عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن ميسرة] (١) قال أبو عَذَبَة الحضرمي: قدمتُ على عمرَ بنِ الخطَّاب رابعَ أربعةٍ من أهل الشام ونحن حُجَّاج، فبينما نحن عنده إذ أتاه خبر من أهل العراق أنهم قد حصبُوا إمامَهم، وكان قد بعث إليهم إمامًا قبلَه فحصبوه، فخرج عمر إلى الصلاة مُغْضَبًا، فَسَها في صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: مَنْ هاهنا مِنْ أهل الشام؟ [فقال أبو عَذَبة:] فقمتُ أنا وأصحابي، فقال: يا أهل الشام، تجهَّزوا لأهل العراق، فإنَّ الشيطان قد باضَ فيهم وفرَّخ، ثم قال: اللهم إنهم قد ألبسوا عليَّ، فَأَلْبِسْ عليهم، اللهم عجِّل لهم الغلام الثقفيَّ الذي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبلُ من محسنهم، ولا يتجاوزُ عن مسيئهم.

[وأخرج ابنُ عساكر في "تاريخه" عن الحسن بن سفيان طرفًا منه].

فأما ما يُروى عن عليّ في هذا الباب، فمن رواية الحسن البصري قال: خطبَ أمير المؤمنين عليٌّ على منبر الكوفة وقال: اللهم إني ائتمنتُ أهل العراق فخانوني، ونصحتُهم فغشُّوني، اللهم فَسَلِّطْ عليهم غلامَ ثَقِيف، يحكُم في دمائهم [وأموالهم] بحكم الجاهلية؛ لَيُقال له يومَ القيامة: اكْفِنَا زاوية من زوايا جهنم، لا يدعُ معصيةً إلا ارتكبها، يقتلُ بمن أطاعه من عصاه (٢).

[وهذا قول من قال: إن الحجَّاج سار من الحجاز إلى العراق.

أمَّا على قول مَنْ قال: إنه سارَ من الشام إلى العراق؛ كالهيثم بن عديّ وغيره؛ فإنهم قالوا: لما قَتَلَ الحجَّاجُ ابنَ الزُّبير؛ استدعاه عبد الملك بن مروان إلى الشام، فلما دخل عليه؛ أدناه وأكرمه، ووصلَه، وأقام عنده.

فجاء كتابٌ من الكوفة من عمرو بن حُريث يُخبر عبد الملك أنهم حصبوه، وعَصَوْا على المهلَّب، وأنَّ المهلَّب في وجوه الأزارقة. فخطب عبد الملك وقال: إن العراق قد علا لهيبُها، وسطع وميضُها، فجمرُها ذَكيّ، وزِنادُها وَرِيّ، فهل من ذي قلب شديد،


(١) في (ص) والكلام منها (وهو الواقع بين حاصرتين): جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن مسيرة، وهو تحريف، والتصويب من "طبقات" ابن سعد ٩/ ٤٤٥.
(٢) ينظر "مختصر تاريخ دمشق" ٦/ ٢١٧ - ٢١٨.