للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَّ سلمة (١) بنت عبد الرحمن بن عَمرو بن سهل- ويقال: من غير ذكر: عمرو وتزوَّجها أيضًا هشام بن عبد الملك بعد الوليد].

وتوقَّف ابنُ الجارود عن قتال الحجَّاج، فقال له الغضبان بن القَبَعْثَرَى الشيباني: تَعَش بالجَدْي قبل أن يتغدَّى بك، والله لئن أصبح ليكثُرَنَّ ناصرُه، ولَتَضْعُفَنَّ.

واستشار الحجَّاجُ عثمانَ بنَ قَطَن الحارثي، وزياد بنَ عَمرو العتكي -وكان [زياد] على شرطته- فقال: ما تريان؟ فقال زياد: قد ترى ميلَ الناس إلى ابنِ الجارود، وقد انفضَّتْ عنك الجُموع، والرأيُ أن نأخذ لك منه أمانًا، وتنصرف إلى عبد الملك، ثم ترى رأيك بعد ذلك. فقال عثمان بن قَطَن: بئس الرأي هذا، إنك سرتَ إلى ابن الزُّبير، وكان أعظَم خطرًا من هذا، وأكثرَ عَدَدًا وأموالًا، وأعظمَ في صدور الناس، فقتَلْتَه؛ فرفعَك عبدُ الملك إلى ولاية العراقَين، فلما جريتَ إلى الأمَدِ الأقصى، وأصبْتَ الغَرَضَ الأسنى، وهابَتْك العربُ؛ تُعطي بيدك! واللهِ لئن فعلتَ هذا لا نلتَ من عبد الملك مثلَ الذي أنتَ به من السلطان أبدًا، ولتهونَنَّ عليه، ولتسقطَنَّ منزلتُك عنده وعند كل عدوّ، ولكن الرأي أن نمشيَ بسيوفنا إلى هؤلاء، فنضربَهم بها، فإمَّا أن نظفر، وإما أن نموت كرامًا. فأَعجَبَ الحجَّاجَ قولُه، وأعرض عن قول زياد، وبات الناس على تعبئة (٢).

فلما أصبح الناس مال إلى الحجاج قُتيبة بنُ مسلم، وعبَّاد بنُ الحُصين الحَبَطي، وكان قد يئس من الحياة، فاشتدَّ قلبُه، وصار في ستة آلاف.

وجعل ابن الجارود على ميمنته الهُذيل بنَ عمران [وعلى ميسرته عُبيد الله بن زياد بن ظَبْيان، وعلى ميمنة الحجَّاج قتيبة بن مسلم] وعلى ميسرته سعيد بنُ أسلم الكلابي، واقتتلُوا، فظهر ابنُ الجارود على الحجَّاج، ولم يبقَ إلا أن ينهزم الحجَّاج، فجاء ما لم يكن في الحساب؛ بينما ابنُ الجارود قائمٌ في القلب، والقتالُ يعمل؛ جاءه سَهْمُ


(١) يعني تزوَّجَها بعد الحجَّاج. قال البلاذري في "أنساب الأشراف" ٦/ ٤٠١: كانت عند الحجاج، ثم خلف عليها الوليد بن عبد الملك، ثم سليمان بن عبد الملك، ثم هشام. وهذا الكلام بين حاصرتين من (ص).
(٢) أنساب الأشراف ٦/ ٤٠١ - ٤٠٢.