للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا بمنديل أبيض، فنزلتُ عن دابتي، وأخذتُ المنديل، وإذا فيه دُوْخَلَةٌ (١) مَلْأَى رُطَبًا، فأخذتُه وركبتُ دابتي، وأكلتُ منه حتى شبعتُ (٢).

وأدركني المساء، فنزلتُ على راهب في دَير له، فحدَّثتُه الحديث، فاستطعمني من الرُّطَب، فأطمعتُه رُطَبات.

[قال:] ثم إني مررتُ على ذلك الراهب، فإذا نخلاتٌ حِسان حمالات [-أو: نخل حمال-] فقال: إنهن لمن رُطَباتك التي أطعمتتي.

وجاء بالثوب (٣) إلى أهله، فكانت امرأتُه تُريه الناس (٤).

[وكانت معاذة العدويَّة زوجة صلة بن أشيم، فروى أبن أبي الدنيا عن رجل من بني عدي- قال:] ولما أُدخلت (٥) مُعاذةُ العدويَة إلى صِلَة؛ أدخلَه ابنُ أخيه الحمَّام، ثم أدخلَه بيتًا مُطَيَّبًا، فقام يصلِّي، فقامَتْ مُعاذة فصلَّتْ خلفَه، فلم يزالا كذلك حتى برقَ الفجر. قال ابنُ أخيه: فأتيتُه فقلت: أي عمّ، أُهدِيَتْ لك ابنةُ عمك الليلةَ، فقمتَ تصلي وتركتَها! فقال: إنك أدخلْتَني أَمْسِ بيتًا أذكرتَني به النار، ثم أدخلتَني بيتًا أذكَرْتَني به الجنَّة، فما زلتُ مفكِّرًا فيهما حتى أصبحتُ (٦).

وقال الحسن البصري: ماتَ أخٌ لنا، فصلينا عليه، فلمَّا وُضع في قبره ومُد عليه الثوب؛ جاء صِلَة بنُ أشيم، فأخذَ بناحية الثوب، ثم نادى: يا فلان بن فلان:

فإنْ تَنْجُ منها تَنْجُ من ذي عظيمة … وإلا فإني لا إخالُك ناجيا

قال: وبكى وأبكى الناس (٧).


(١) أي: قُفَّة.
(٢) حلية الأولياء ٢/ ٢٣٩، وصفة الصفوة ٣/ ٢١٨. قال الذهبي في "السير" ٣/ ٤٩٩: هذه كرامة ثابتة.
(٣) أي: المنديل السالف ذكره.
(٤) صفة الصفوة ٣/ ٢١٨ - ٢١٩.
(٥) في (ص) و (م): أهديت.
(٦) صفة الصفوة ٣/ ٢١٩.
(٧) حلية الأولياء ٢/ ٢٤١، وصفة الصفوة ٣/ ٢١٩، ونُسب الخبر في (ص) و (م) لأب نعيم.